يتبين اكثر يوما بعد يوم حجمُ الاهتمام الاميركي بالأزمة اللبنانية وسبلِ معالجتها. بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”، بات معروفا انه، وفي حسابات واشنطن، سببُ المآسي اللبنانية اسمُه “حزبُ الله”. من هنا، فإن تطويقه بالوسائل كافة، ضروري لخلاص لبنان. الولايات المتحدة باشرت منذ سنوات مطاردتَه اقتصاديا وماليا ومصرفيا. واليوم تسعى على ما يبدو، الى حصر نفوذه على الاراضي اللبنانية، اي ميدانيا.
في هذه الخانة تحديدا، يصبّ المشروع الذي كشف عنه خبير الشؤون الأميركية والمستشار في خارجية الولايات المتحدة وليد فارس، منذ ايام، ويقوم على خطة أمنية يجري تداولها في دوائر القرار وقد يدرسها الكونغرس الاميركي في المرحلة المقبلة، وهي تقضي، وفق فارس، بالبدء بطريقة ما بتنفيذ القرار الدولي 1559، عبر تقسيم لبنان إلى منطقتين أمنيتين، الأولى في الجنوب والضاحية باتجاه البقاع شرقا، وهي تحت سيطرة حزب الله، والثانية بعهدة القوى الدولية والقوى الشرعية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي وهي تمتد من بيروت الإدارية إلى الشمال بعكار، على ان تضغط مجموعات المجتمع المدني والقوى السياسية “السيادية الرافضة لسياسات “حزب الله”، وذلك كشرط للمساعدات الدولية والعربية للبنان”.
بدوره، نشر امس المجلس العالمي لثورة الأرز، الخريطةَ الأولية التي نوقشت مع بعض أعضاء الكونغرس الأميركي حول انتشار الجيش اللبناني في المناطق التي يمكن أن “يعتبر فيها القرار الدولي 1559 منفذا من حيث المبدأ كونها ليست جزءا من البيئة الحاضنة لحزب الله أو أي من المنظمات المسلحة غير اللبنانية ولا تواجد فيها لأي سلاح خارج عن الشرعية اللبنانية”. واشار المجلس الى ان المشروع “يطلب إلى القوات المسلحة أي الجيش وقوى الأمن الداخلي في هذه المناطق، حماية المواطنين من أي تعد أو تجاوز لمفاعيل القرار الدولي وبالتالي عدم السماح بتجول العناصر المسلحة فيها أو استعمالها لتخزين الأسلحة والمتفجرات أو القيام باي نوع من الأعمال الاستخباراتية أو الاستفزازية التي قد تشكل خرقا لبنود القرار الدولي، ومن هنا عدم اعطاء تصاريح بالمرور أو التجول لأي عناصر مسلحة فيها، وافهام قيادات حزب الله أو أي من التنظيمات المسلحة الأخرى بذلك وتوقيف كل من يتجاوز هذه التعليمات”. أضاف المجلس “أما المناطق التي تقع ضمن ما اعتبر بيئة حاضنة ويهمها أن تلتحق بالمناطق التي نفذ فيها القرار فيمكنها في أي وقت أن تطلب من القوى الأمنية اللبنانية شملها ضمن المناطق الخالية من الأسلحة بعد موافقة أغلبية أبنائها، ريثما يتم التفاهم مع حزب الله وغيره من التنظيمات المسلحة على ضرورة حصر السلاح والأعمال الحربية بقوى الدولة اللبنانية وحدها. وفي الجنوب، خاصة منطقة عمل القوات الدولية، يبقى أمر تنفيذ القرار الدولي 1559، والذي يعتبر جزءا من القرار 1701 الذي يجب أن تكون القوات الدولية مسؤولة عن تنفيذه، من مهمات هذه القوات بمساعدة الجيش وبالتنسيق مع قيادتها”.
بحسب المصادر، لا يزال هذا المشروع في بداياته ومرورُه في الكونغرس مستبعد، وهو قد يحصل او لا يحصل، الا ان ما يهمّ هو طُرحُه على بساط البحث بحد ذاته. فهذا التطوّر يؤكّد الاصرار الاميركي خصوصا، والعربي – الخليجي – الدولي عموما، على تطبيق القرارات الدولية وابرزها الـ1559. فالاخير عاد الى الواجهة بقوة في الاسابيع الماضية وكان في صلب الورقة الكويتية – العربية الانقاذية التي حملها وزير خارجية الكويت الى بيروت. الضغوط اذا ذاهبة نحو “تعاظم” وصولا الى فرض تطبيق هذا القرار وتجريد حزب الله من سلاحه. فمرحلة المسايرة والتساهل الخارجية مع السلطات المحلية تبدو انتهت، وحان وقت قيام دولة حقيقية في لبنان وتحرير حكمه واراضيه، من السيطرة الايرانية، الامر الذي لن يحصل الا بتحويل حزب الله حزبا سياسيا. ومن المرجّح ان يكون هذا التوجّه حاسما، لا عودة عنه، وان يأتي من ضمن سياق التسوية الكبرى الجاري طبخها الآن بين القوى الدولية الكبرى لمنطقة الشرق الاوسط، تختم المصادر.