كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
يحمل أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى بيروت، خلاصة المداولات الخليجية العربية والدوليّة الداعية إلى ترجمة «الوعود» إلى أفعال والولوج إلى تنفيذ إتفاق الطائف وقرارات الشرعية العربية والدولية، بما يضمن الفصل بين الدولة اللبنانية و»الجماعات المسلحة» التي تأخذ من الأراضي اللبنانية منطلقاً لتهديد استقرار وأمن الدول العربية، من خلال تصدير المخدرات ورفد «الميليشيات» في اليمن بالخبرات اللازمة لإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي تشكل تهديداً متمادياً للدول الخليجية.
أبو الغيط الذي يصل بيروت لمتابعة أعمال مجلس وزراء العدل العرب في 26 شباط، سيعيد التشديد خلال لقاءاته «البروتوكولية» مع «الرؤساء» على أن المدخل لحلّ الأزمة الدبلوماسيّة مع دول الخليج العربية يمرّ عبر المبادرة الكويتية – الخليجية، والتزام الدولة اللبنانية بتنفيذ الإصلاحات والخطوات المطلوبة من أجل تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي 1559، 1680، 1701؛ بما يضمن وقف تدخل «حزب الله» في الشؤون الخليجية وفرض السلطات اللبنانية سيطرتها على الموانئ البريّة والبحرية والجوية، للحدّ من تصدير المخدرات التي تشكل استهدافاً للأمن الإجتماعي لدول الخليج، إلى جانب حثّ المسؤولين على إجراء الإنتخابات في مواعيدها الدستورية، وتطبيق الإصلاحات المطلوبة كمدخل لعودة الدعم العربي والدولي إلى لبنان من خلال الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
ويتحصّن أبو الغيط بمظلّة مجلس الأمن الدولي الذي أعاد التأكيد في بيان أصدره في الرابع من الشهر الحالي، على دعم استقرار لبنان وأمنه بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن وبيانات رئيسه بشأن الوضع في لبنان، وذلك انسجاماً مع المقاربة المستجدة للملف اللبناني التي تبلورت عقب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المملكة العربية السعودية في 4 كانون الأول 2021، واتفاقه مع القادة في السعودية على «ضرورة التصدي لأنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما فيها استعمال ونقل الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية التي أدت إلى اعتداءات على المملكة العربية السعودية»، والتشديد على «ضرورة حصر السلاح بمؤسسات الدولة الشرعية وألا يكون لبنان منطلقا لأي اعمال ارهابية يزعزع استقرار وامن المنطقة، ومصدراً لتجارة المخدرات»، إلى جانب تأكيد «أهمية الحفاظ على استقرار لبنان واحترام سيادته ووحدته، وفقا لقرارات مجلس الأمن 1559، 1680 و 1701 والقرارات الدولية ذات الصلة»، حسب البيان الرسمي المشترك الذي وزعته السفارة الفرنسية في بيروت آنذاك على أثر الزيارة.
وتوقفت مصادر متابعة لـ «نداء الوطن» عند مبادرة «رأب الصدع في العلاقات الخليجية – اللبنانية وبناء حسور الثقة» التي حملها وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر الصبّاح إلى بيروت، لما تشكّل من منعطف أساسي في الحياة السياسية، لمطالبتها الجمهورية اللبنانية بتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي، مشددةً على أنّ هذه المطالب العربية لا تأتي فقط من أجل إنقاذ لبنان وخروجه من الأزمة التي يمرّ بها، إنما أيضاً من أجل ضبط إستقرار المنطقة، على اعتبار أنّ بقاء سلاح «حزب الله» كما هو، وعدم تنفيذ القرار 1559، إنما يشكلان تهديداً لأمن مطار أبوظبي على سبيل المثال، وشركة أرامكو في المملكة العربية السعودية ايضاً؛ لتوضح أنّ المبادرات الدبلوماسيّة تجاه لبنان لا تأتي من فراغ، إنما تحسساً بالخطر الذي يرافق تحويل لبنان إلى ساحة لصراع المحاور، وإعادة فرز اللبنانيين بين مؤيدين للمبادرة العربية وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وبين مؤيدين لساحات الحروب المتواصلة من بيروت إلى اليمن، لتردف «إنّ اللعب على الكلام لم يعد مجدياً أمام الإعلان بوضوح عن الإستمرار في الرضوخ لهيمنة سلاح «حزب الله» على المؤسسات أو المطالبة بوضوح بتحديد إطار زمني محدد لتنفيذ قرارات مجلس الأمن 1559 المرتبط بنزع سلاح الميليشيات في لبنان».
ويأتي التصعيد على الساحة العربية مع تقدم المباحثات الإيرانية – الدولية في فيينا، واقتراب التوصل إلى رفع العقوبات الأميركية عن إيران، التي تسعى بدورها إلى الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة لعدم إنسحابها مجدداً من الإتفاقية النووية التي لا تشمل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة التي تُستخدم في تهديد أمن دول مجلس التعاون الخليجي.
وكان لأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط موقف محذّر من «انفلات السلوك الإيراني العدواني في المنطقة العربية، على أكثر من جبهة وبأشكال متعددة»، مؤكداً «أن المنطقة العربية والشعوب العربية ليست ورقة تفاوض، بغض النظر عن التغيير في موقف الإدارة الأميركية حيال الإتفاق النووي»، مشيراً خلال الدورة العادية 155 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري إلى أنّ «الجانب العربي له شواغل محددة، يتعين أن تؤخذ في الحسبان، وهي شواغل عادلة تتعلق بأنشطة تخريبية تُعاني منها أكثر من دولة عربية»، مشدداً على أنه «ليس سليماً ولا منطقياً أن يُعالج اتفاقٌ بعض جوانب «المسألة الإيرانية»، مثل المشروع النووي، ويُغفل بعضها الآخر، مثل الدور الإيراني في المنطقة أو تطور برنامجها الصاروخي المقلق».
وتنعكس خطورة هذه التحذيرات على الساحة اللبنانية من خلال عدم تمييز الدول العربية والخليجية تحديداً بين الدولة اللبنانية والدور الذي يقوم به «حزب الله»، في حين تعقد الجامعة العربية إجتماعاً للتباحث في عودة سوريا إلى الجامعة خلال القمة المقبلة المقرر عقدها في الجزائر، لتقلب الأوراق بين انفتاح على النظام السوري وعزلة خليجية دبلوماسية متجددة على الشعب اللبناني.