كتب عمر حبنجر في “الأنباء الكويتية”:
طروحات كثيرة حملها الوسيط الأميركي في عملية التفاوض غير المباشر لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين الى لبنان، دون الكشف عنها، الا بالنذر اليسير من البنود التقنية، المتداولة إعلاميا، مع مجانبة واضحة للأمور السياسية.
المصادر المتابعة لاحظت ان هوكشتاين ركز على اظهار ان الخلاف على النقطة المركزية لترسيم الحدود البحرية، وبالتالي ان الحل يبدأ بتنازل إسرائيل عن «خط هوف»، وهذا ما يبدو انه عاد به من تل ابيب، مقابل ان يتخلى لبنان عن خط 29، الذي قيل ان رسالة الرئيس اللبناني ميشال عون الى الأمم المتحدة مؤخرا، المحت اليه، دون ان تذكره او تتبناه، مع جزء من حقل «قانا»، وبعيدا عن حقل «كاريش» الذي تعتبره إسرائيل، ملكا خالصا.
عمليا، الجانب اللبناني وعد بدراسة العرض، وبإعطاء جواب بشأنه، كما أوحى هوكشتاين للمسؤولين اللبنانيين بأن الشركات العالمية، لن تأتي للعمل قبل الاتفاق، وان من مصلحة لبنان استسراع عملية التنقيب، طارحا في السياق عينه، تكليف شركة أميركية بالتنقيب في المنطقة المتنازع عليها، ثم توزيع العائدات على الطرفين، في اطار من الاستثمار المشترك، وهو ما رفضه رئيس مجلس النواب نبيه بري، كونه ينطوي على نوع من التطبيع، كما رفض إعادة البحث بخط «هوف» المنحاز كليا للجانب الإسرائيلي.
بدوره، قائد الجيش العماد جوزاف عون، ابلغ الوسيط الأميركي، بأن المؤسسة العسكرية، مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية بشأن الترسيم البحري، والمفاوضات على بدء التنقيب.
اما الرئيس عون فقد أكد لهوكشتاين استعداد لبنان للبحث بالنقاط التي طرحها والتي سيتم استكمالها لاحقا. وجرى التداول بدور الولايات المتحدة المساعد في تذليل العقبات، التي هي أميركية، امام استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر سورية.
من جهته هوكشتاين قال في تصريحاته المتلفزة: اننا في لحظة سد الفجوات والتوصل الى «صفقة»، مشيرا الى التقدم في موضوع استجرار الغاز والكهرباء من القاهرة وعمان، وطلب الى المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم اتخاذ موقف موحد من طرحه الجديد في اسرع وقت ممكن وفي مهلة أسابيع لا تتعدى الشهرين، الامر الذي اطلق سلسلة استنتاجات، فهل الصفقة مرتبطة بحل مشكلة ترسيم الحدود البحرية والاستثمار المشترك مقابل تسهيل مرور الغاز المصري والكهرباء الأردنية من سورية، دون عقبات، ام المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران في فيينا؟
المصادر المتابعة كشفت لـ«الأنباء» عن جانب آخر، يجري التداول به خلف الكواليس، وخلاصته ان الانتخابات النيابية، هي «بيت القصيد» في الملحمة الشعرية للمنظومة السياسية الحاكمة في لبنان الآن، والتي مهما اختلفت فيما بينها، فإنها تتوحد عند المصالح المتبادلة. وتشير المصادر الى حجم الالحاح الدولي على اجراء الانتخابات التشريعية في لبنان، مقابل برودة وتردد او عزوف المعنيين بهذه الانتخابات، ما يعني ان ثمة من يطرح التأجيل للانتخابات النيابية، ومن ثم الرئاسية لسنتين اضافيتين، مقابل موقف لبناني إيجابي موحد من صفقة الترسيم، المطلوبة بإلحاح الآن، من الولايات المتحدة الأميركية الباحثة عن بديل للغاز الروسي الى أوروبا، وإسرائيل التي دهمتها المواعيد مع الشركات المتعهدة للتنقيب.
واستشهدت المصادر بحجم المخاوف التي عبر عنها البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة عيد مار مارون، امام الرؤساء الثلاثة عون وبري وميقاتي، علنا وبصوت مرتفع، ملحا على اجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية، وعلى اعلان الحقيقة حول تفجير مرفأ بيروت، الذي اقتحم ذوو ضحاياه قصر العدل في بيروت أمس، احتجاجا على العرقلات السياسية للمسار القضائي في هذا الملف، والحياد الإيجابي في العلاقات الخارجية، والا فالاستعانة بالأمم المتحدة لعقد مؤتمر دولي يضمن تنفيذ الحلول المطلوبة.
حيث لم تصدر رئيسة محكمة التمييز المدنية القاضية رولا المصري، قرارها في الدعوى المقدمة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر، والتي طلبا فيها رد رئيس الغرفة الأولى لمحكمة التمييز القاضي ناجي عيد، عن النظر بدعوى تنحية المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق بيطار، كما أنها تغيبت عن الحضور الى مكتبها في قصر العدل.
وفجر تغيب القاضية المصري غضب أهالي ضحايا انفجار المرفأ، الذين نفذوا اعتصاما عند الساعة العاشرة من صباح أمس أمام المدخل الرئيسي لقصر العدل ومنعوا المواطنين من الدخول اليه.
وما لبث الأهالي أن تمكنوا من اقتحام بوابة قصر العدل والتجمع في باحة الخطى الضائعة، وطالبوا القاضية المصري بالحضور الى مكتبها واتخاذ قرار بقبول دعوى رد القاضي عيد أو رفضها لتحديد خياراتهم بعد ذلك. واعتبر الأهالي أن امتناع القاضية المصري عن المجيء الى مكتبها «مقصود ويعبر عن خضوعها للضغوط السياسية التي تمارس على القضاء لتمييع ملف المرفأ». واعتبروا أن «السياسيين الفاسدين الذين ادخلوا النترات الى المرفأ وتسببوا بالانفجار الزلزال، لن يتورعوا عن تفجير التحقيق وتضييع الحقيقة: مطالبين القضاء بأن «يقوم بواجباته».
في غضون ذلك يتابع بعض المعنيين بالانتخابات اتصالاتهم، على هدى القول المأثور: «اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا»، وقد ظهرت الى الوجود أمس نواة لائحة أولى في دائرة بيروت الثالثة، وتضم النائبة رولا الطبش والمرشحين د.عماد الحوت ونبيل بدر رئيس نادي الأنصار الرياضي، وتستمر المساعي، مع سفير لبنان السابق في الأمم المتحدة نواف سلام، ليكون على رأس هذه اللائحة التي تحظى بقبول بيئة المستقبل.