مع تصاعد التوتر بشأن أزمة أوكرانيا التي تنذر بحرب وشيكة قد تنزلق إليها دول عدة، بدأ الحديث عن الترسانتين العسكريتين لكل من روسيا والولايات المتحدة.
وجاءت دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن للمواطنين الأميركيين لمغادرة أوكرانيا على الفور، لتثير المخاوف من أن ساعة الصفر قد دنت، بما يعني أن روسيا على وشك الغزو.
وقال بايدن في مقابلة مع شبكة “إن بي سي”: “على المواطنين الأميركيين المغادرة الآن. نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم، إنه وضع مختلف للغاية، والأمور يمكن أن تصبح جنونية بسرعة”.
كما حذر من أن القوات الأميركية لن تتمكن من إجلاء رعاياها الفارين من الأراضي الأوكرانية، في حال بدأت روسيا بالاجتياح.
وقال بايدن إن “الأمر سيكون بمثابة حرب عالمية عندما يبدأ الأميركيون والروس بإطلاق النار على بعضهم”، مضيفا: “نحن في عالم يختلف كثيرا عما كان عليه سابقا”.
وتدفع هذه التصريحات الخطيرة لبايدن، للحديث عن توازن القوى بين واشنطن وموسكو والمقارنة بين ترسانتيهما العسكرية، في ظل تواتر المؤشرات على احتمال نشوب حرب بين الطرفين، على وقع خط التماس الأوكراني المشتعل بينهما .
ففي أحدث المقارنات بين الجيشين الأميركي والروسي، حسب موقع “غلوبال فاير باور” المختص برصد القدرات العسكرية للدول، ووفق آخر إحصاء لعام 2021، يحتل الجيش الأميركي المرتبة الأولى عالميا ويأتي خلفه نظيره الروسي في المرتبة الثانية، بين أقوى جيوش العالم.
ويمتلك الجيشان الجباران قوات جوية ضاربة، وترسانة نووية ضخمة وفتاكة، وقدرات عسكرية برية وبحرية ولوجيستية كبيرة.
يتجاوز عدد سكان الولايات المتحدة 332 مليون نسمة، من بينهم 146 مليون نسمة كقوة بشرية متاحة، في حين يصل عدد أفراد الجيش الأميركي إلى 2.245 مليون جندي، من بينهم 845.500 في قوات الاحتياط.
ومن حيث القوة الجوية، يمتلك الجيش الأميركي 13233 طائرة حربية، بينها 1956 مقاتلة، و761 طائرة هجومية، وأكثر من 945 طائرة شحن عسكري، إضافة إلى 2765 طائرة تدريب، و5436 مروحية عسكرية، من بينها 904 مروحية هجومية.
ولدى الجيش الأميركي أكثر من 6100 دبابة، و40 ألف مدرعة، و1500 مدفع ذاتي الحركة، وأكثر من 1340 مدفعا ميدانيا، إضافة إلى 1365 راجمة صواريخ.
ومن حيث القوة البحرية، يضم الأسطول البحري الأميركي 490 قطعة بحرية، من بينها 11 حاملة طائرات و92 مدمرة و68 غواصة، إضافة إلى 8 كاسحات ألغام.
وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الأميركي 740 مليار دولار.
في المقابل، يبلغ عدد سكان روسيا قرابة 142 مليون نسمة، من بينهم 69 مليون نسمة كقوة بشرية متاحة، وتعداد جنود الجيش الروسي في الخدمة 3.569 مليون جندي، إضافة إلى 2 مليون جندي في قوات الاحتياط.
ويمتلك الجيش الروسي 4144 طائرة حربية، من بينها 789 مقاتلة، و742 طائرة هجومية، وهنا يبرز الفارق الكبير بينه وبين نظيره الأميركي الذي يتفوق في هذا الجانب، كما يمتلك 1540 مروحية عسكرية منها 538 مروحية هجومية.
وعلى صعيد الدبابات، يمتلك الجيش الروسي 13 ألف دبابة، حيث يتفوق هنا بشكل كبير على نظيره الأميركي.
كما تمتلك روسيا أكثر من 27 ألف مدرعة، ومن حيث المدافع يمتلك الجيش الروسي أكثر من 6540 مدفع ذاتي الحركة، وقرابة 4465 مدفع ميداني، و3860 راجمة صواريخ، في تفوق واضح على الولايات المتحدة أيضا في هذا الجانب.
ومن حيث القوة البحرية، يتكون الأسطول الروسي من 603 قطعة بحرية، من بينها حاملة طائرات وحيدة. وهنا تتفوق الولايات المتحدة بقوة في هذا الجانب. ويمتلك الجيش الروسي كذلك 64 غواصة، و11 فرقاطة و48 كاسحة ألغام.
وتبلغ ميزانية الدفاع ومعدل الإنفاق السنوي للجيش الروسي 42 مليار دولار أميركي.
أما على صعيد القوة النووية، التي تعد العامل الحاسم في ميزان القوى بين الدول، يعتقد أن روسيا تمتلك العدد الأكثر من الأسلحة النووية حاليا بـ6370 سلاحا نوويا، لكن الولايات المتحدة ليست أقل منها بكثير، حيث تمتلك 5800 سلاح نووي، وفقا لموقع Atomic Scientists’ Nuclear Notebook.
ويقول الباحث المختص في الشؤون الأوكرانية سالم حنون، إنه على عكس ما يشاع من تهويل إعلامي غربي على وجه الخصوص، وصل لحد تحديد ساعة الصفر لبدء الغزو الروسي لأوكرانيا أكثر من مرة، فإن الأمور على الأرض ليست بهذا الشكل الخطير الذي يتم تصويره.
وتابع حنون الذي تحدث لموقع “سكاي نيوز عربية” من كييف: “حتى القيادة الأوكرانية تحذر دوما من مغبات التهويل والنفخ في الأزمة، وإعطائها حجما أكبر من حجمها الفعلي، حيث الحياة طبيعية مثلا هنا في العاصمة كييف”.
ويضيف: “هناك تصعيد طبعا بين موسكو وواشنطن وحلف الناتو على خلفية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا، لكن على صعيد الشارع الأوكراني هنا لا يوجد تحشد شعبي عام ضد الروس، والناس يعتقدون أن الأمور لن تصل في النهاية لنقطة التصادم العسكري المباشر”.
ومن جهة أخرى، يستبعد الكاتب والمحلل السياسي طارق جوهر انزلاق الأمور نحو صراع عسكري عالمي الطابع بين روسيا وأوكرانيا، لكن “ما يحدث على الأرجح من تحشدات ومناورات هو من باب الضغوط المتبادلة، للحصول على تنازلات ومكاسب سياسية على طاولة التفاوض فيما بعد”.
ويتابع جوهر لدى حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية”: “نحن نتحدث عن منطقة بالغة الخطورة أشبه بحقل ألغام، ستمتد توابع أي زلزال عسكري فيه لتطال العالم برمته لا سيما أوروبا، ونقصد بها مناطق التماس وصراعات النفوذ التقليدية بين روسيا والغرب، في أوكرانيا وفي جمهوريات البلطيق وشرق أوروبا”.
و”ما يتم هو نتاج تداخل صراعات ذات طابع تاريخي مزمن، وحسابات استراتيجية وجيوسياسية دقيقة ومعقدة” كما يشرح جوهر الذي يضيف: “لهذا فإن توازن الرعب العسكري والنووي بين اللاعبين الكبار في مثل هذه الصراعات الدولية حول مناطق النفوذ والوصاية والحدائق الخلفية التي تتحول إلى الجبهات الأمامية، كفيل دوما بضبط إيقاعها وإبقائها تحت السيطرة، والأزمة الأوكرانية ليست استثناء”.