IMLebanon

“قمح لبنان” بخطر!

كتب كميل بو روفايل في “النهار”:

يترقّب العالم التهديدات الروسيّة لأوكرانيا بكثيرٍ من الحذر، حيث دعت دول عدّة رعاياها إلى مغادرة الأراضي الأوكرانية، وطلبت أخرى من رعاياها أخذ الحيطة والحذر حفظاً لسلامة الحياة الخاصّة لكلّ فرد مقيم على الأراضي الأوكرانية. لكن أضرار الحرب – إذا اشتعلت – لن تقتصر على أرواح الأجانب المقيمين هناك، بل ستشمل ملايين البشر في كثيرٍ من بلدان العالم، من الذين يستوردون قمحهم من أوكرانيا. فحربٌ محتملةٌ في شمال الشمال الأوروبي ستؤدّي إلى ارتفاع كبير في أسعار الغذاء عالمياً، ضمن منحى تصاعديّ لتكلفة السلّة الغذائية، وفق ما سجّلته منظّمة “الفاو” في السنوات المنصرمة.

فأوكرانيا واحدة من أهمّ الدول المصدّرة للحبوب إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث 40 في المئة من واردات القمح والذرة إلى المنطقة تأتي من أوكرانيا، لتكون بذلك من أهمّ الدول التي تورّد الغذاء إلى المنطقة.

أمّا على الصعيد العالمي فإنّ نسبة الصّادرات الأوكرانية من الذرة سجّلت 16 في المئة، والشعير 18 في المئة، ودوّار الشّمس 50 في المئة، أمّا بذور اللفت فـ19 في المئة.

ولأنّ أوكرانيا تحتّل هذه المكانة العالميّة على الصعيد الغذائيّ، فإنّ الإمدادات بالقمح ستتأثرّ، في حال الحرب، وسينعكس هذا الأمر كثيراً على سعر سلّة الغذاء.

ومن دون شكّ، سيُطاول لبنان والدول العربية هذا التأثّر، بخاصة أنّ لبنان يستورد 50 في المئة من احتياجاته من القمح من أوكرانيا، وفق ما شرح المحلّل الزراعي في معهد “Breakthrough” أليكس سميث لصحيفة “واشنطن بوست”، موضحاً بأنّ ليبيا تستورد 43 في المئة من احتياجاتها من القمح من أوكرانيا، واليمن 22 في المئة، ومصر 14 في المئة.

وتالياً، سيكون لبنان من الدول شديدة التأثّر بالحرب، لأنّ نسبة 50 في المئة من حاجاته من القمح تأتي من أوكرانيا.

وضمن هذا الإطار، علمت “النهار” من مصدر في وزارة الاقتصاد والتجارة أنّ “الوزير قام باجتماعات مع سفراء عدد من الدول المستعدّة لتعويض هذه النسبة الكبيرة من التراجع”، مؤكّداً أنّ “هناك مصادر أخرى للقمح؛ فلبنان يستورد القمح أيضاً من رومانيا وروسيا”.

ووفق معلومات “النهار”، فإنّ إحدى الشركات استطاعت أن تحصل على مصدر آخر للقمح، وستقدّم طلباً في اليومين المقبلين باعتبارها مصدراً جديداً آخر للقمح، وبسعر جيّد. وبعد ذلك، ستتأكّد الوزارة من المواصفات، فإن كانت تراعي المعايير المفروضة فستقبل الوزارة باستيرادها.

وضمن هذا الإطار، شدّد المصدر المسؤول “على أنّ همّ الوزارة هو الأمن الغذائي”، متمنّياً ألّا “تحصل أزمة”.

المشكلة الحقيقية هي أنّ الزراعات الأوكرانية، التي تغذّي شرق المتوسط وشمال أفريقيا بشكل أساسيّ، موجودة في الشرق الأوكراني، أيّ في المنطقة المرشّحة لتكون ميدان النزاع، التي إن جرى اقتحامها من قبل روسيا فستتأثّر المحاصيل الزراعية، وسيتغيّر الإنتاج؛ الأمر الذي سيؤثر على الاقتصاد العالمي، لأن أسعار الحبوب سترتفع بعد انخفاض معروض أوكرانيا جرّاء الأزمة.

وشرح سميث أنّه في حال حدث هجوم على أوكرانيا، فمن المحتمل أن يؤدّي ذلك إلى استيلاء روسيّ على الأراضي الزراعيّ، ممّا قد يؤدّي لانخفاض إنتاج القمح في ظلّ فرار المزارعين وتدمير البنية التحتيّة.

يُذكر أنّ أوكرانيا صدّرت أكثر من 8 ملايين طن من الذرة إلى الصين في العام 2020، وهو ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي صادرات الذرة الأوكرانية في ذلك العام، حسب وزارة الزراعة الأميركية.

وفي حال حصل الغزو الروسيّ لأوكرانيا، فإنّ الآثار الاقتصادية لن تقتصر على السّلة الغذائيّة، فقد توقّع المحلّل الاستراتيجيّ ديفيد روش أن “يصل سعر برميل النفط إلى 120 دولاراً للبرميل، وسيتغيّر الاقتصاد العالمي جذرياً”.

واعتبر روش، في حديث لـ”سي أن بي سي” أنّه “إذا حصل غزو لأوكرانيا، وكانت هناك عقوبات أعاقت وصول روسيا إلى آليات الصرف الأجنبي وأنظمة المراسلة، وفي حال منعتهم من تصدير سلعهم، سواء النفط أو الغاز أو الفحم، ففي ذلك الوقت سيكون من المؤكّد أن أسعار النفط شتصل إلى 120 دولاراً للبرميل”.

ومع مخاوف شحّ الإمدادات جرّاء الأزمة الروسية – الأوكرانية ارتفع النفط إلى أعلى مستوياته في 7 سنوات، وتجاوز برنت الـ95 دولاراً للبرميل. وقد توقّع محلّلون أن يتجاوز النفط الـ100 دولار هذا العام. كلّ ذلك سيؤثر على تكاليف الطاقة والصناعات من دون شكّ.