كتب رامح حمية في “الاخبار”:
«عشرة عُمر» بين أهالي بعلبك – الهرمل وتقنين الكهرباء تعود إلى ما قبل أزمة السنتين الأخيرتين. أجيال ترعرعت على عبارة «إجت الكهربا» و«الفرحة» العارمة التي ترافقها. اليوم، فصل جديد يُضاف إلى تلك الحكاية يُغرق قرى المنطقة وبلداتها في عتمة شاملة، حتى في الساعات المحدودة للتغذية كل 24 ساعة. سرقة الأسلاك الكهربائية ظاهرة غير جديدة، لكن الجديد فيها تحوّلها إلى عملية منظّمة تنتشر على نطاق واسع وتغزو بلدات وقرى بأكملها، فـ«تزلّطها» من مئات الأمتار من أسلاك الشبكة النحاسية بعدما كانت سابقاً تقتصر على أمتار قليلة، و«تقشّ» عشرات المحوّلات الكهربائية من على قواعد أعمدتها، حارمة القرى من التيار الكهربائي لأيام، وأحياناً أكثر من أسبوع، ريثما تؤمن فرق الصيانة في مؤسسة كهرباء لبنان البديل، أو تُجمع تبرعات من أهالي البلدة لشراء الأسلاك وتركيبها.
الظاهرة تعم شرق بعلبك وغربها وقرى البقاع الشمالي والهرمل، وتحدث «على عين» الأجهزة الأمنية والقضائية في المحافظة. مصدر في مؤسسة الكهرباء أكد لـ«الأخبار» أن «المعدل هو ثماني سرقات على الشبكة الكهربائية يومياً في بعلبك – الهرمل»، مشيراً إلى أن السرقات «تستنزف الموجودات في مستودعات الشركة بدلاً من استخدامها لتحسين وضع الشبكة وزيادة التغذية». وأوضح أن معدل السرقات زاد خلال العواصف الثلجية الأخيرة والأعطال التي طاولت المخارج وأدت إلى انقطاع التيار الكهربائي أكثر من 72 ساعة، ما سمح للصوص بـ«فك المحولات وإنزالها ونقلها إلى أماكن آمنة وفتحها وتفريغها من النحاس، ومن ثم نقلها مجدداً وبيعها لتجار الخردة»!
اللافت، بحسب المسؤول في المؤسسة، غياب المتابعة الأمنية رغم زيادة عدد السرقات والمعلومات التي يقدمها الأهالي حول اللصوص وأرقام السيارات التي تقلّهم، مشيراً إلى أن «الأمر لا يحتاج إلى جهد أمني، وبعض المراقبة لبور الخردة كفيلة بكشف العصابات التي تسرق الأسلاك النحاسية والألمنيوم والحديد ومحطات تحويل الكهرباء». ورغم تقدم ملاحظي شركة الكهرباء بشكاوى أمام المخافر وفصائل قوى الأمن الداخلي لإرفاق نسخة عن المحاضر بتقارير الصيانة والتصليح، «لم تُسجّل أي متابعة من الأدلة الجنائية لرفع البصمات ولا من الأجهزة الأمنية لإجراء توقيفات». وأشار إلى «شكوك حول تعامل بعض اللصوص الذين يسرقون خطوط التوتر المتوسط (15 كيلو فولت) مع موظفين في محطات التحويل، إذ لا يمكن تسلّق أعمدة التوتر إلا بعد التأكيد والربط مع عدة محطات لعدم تشغيل التيار الكهربائي».
مسؤول أمني أكد لـ«الأخبار» ارتفاع معدل السرقات ثلاثة أضعاف مقارنة بالأعوام الماضية، لافتاً إلى أن عديد قوى الأمن الداخلي في المخافر والفصائل «غير كاف في ظل ضعف التجهيزات وتعطّل الآليات وعدم مساندة بقية الأجهزة الأمنية». وغمز من قناة «القضاء الذي يخلي سبيل كثيرين من الموقوفين بجرائم سرقة نتيجة تدخلات ومحسوبيات».
العمود موجود والمتعهد مفقود!
بعد انقطاع يستمر أياماً في بعلبك – الهرمل، يعود التيار الكهربائي خجولاً وتقتصر التغذية على ساعة واحدة كل أربع وعشرين. تكثر بيانات مؤسسة الكهرباء عن أسباب الانقطاع فيما يغيب دائماً السبب الرئيسي للانقطاع المتكرر. فقد تم ربط محطة تحويل بعلبك الرئيسية، منذ أكثر من عام، بمعمل الزهراني الحراري، بعد فصلها عن معمل دير عمار بسبب سقوط عمود توتر نتيجة الرياح العاتية في محلة دير نبوح بين القبيات والهرمل.
مسؤول في «كهرباء لبنان» أكد أن عودة ربط محطة بعلبك بدير عمار معلّق على تكليف متعهد لتركيب عمود توتر في دير نبوح، علماً أن هناك عموداً احتياطياً موجوداً في بلدة اللبوة (البقاع الشمالي) يمكن استعماله للغاية نفسها.