جاء في “العرب” اللندنية:
قالت مصادر لبنانية إن الرئيس اللبناني ميشال عون يقود ضغوطا لإقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأن مفاوضات البحث عن أسماء بديلة انطلقت، ما ينذر بتفكك الحكومة اللبنانية التي يشوب مجلس وزرائها خلافات عميقة بين الفرقاء السياسيين الذين يرفضون إجراء تعيينات جديدة قبل الانتخابات النيابية المقررة في أيار القادم.
وتشير المصادر إلى أن الرئيس اللبناني الذي زاد جرعة الضغوط على حاكم مصرف لبنان مؤخرا لا يمتلك سوى فرصة استبعاد سلامة قبل الانتخابات النيابية المزمع عقدها في أيار القادم، لتدارك تراجع شعبية تياره الوطني الحر داخل بيئته المسيحية.
ولم ينجح العهد وباسيل في تحقيق أي إنجاز يذكر لتقديمه لبيئته الانتخابية، فيما يقول مراقبون إن الإطاحة بسلامة ورقة أخيرة ضمن “الحروب الدونكشوتية” التي يقودها عون وصهره باسيل.
وقالت أوساط سياسية لبنانية إن مساعي عون وباسيل للإطاحة بسلامة تأتي في إطار تصفية الحسابات الشخصية والمكايدة السياسية.
وتشير الأوساط إلى أن نتائج “الحرب” على سلامة لن تفيد العهد وتياره، باستنهاض الشارع العوني المبعثر على أبواب الانتخابات النيابية، وإنما سترتد سلبا عليهم، لأنه لم يعد باستطاعة رئيس الجمهورية، إجراء أي تشكيلات أو تعيينات إدارية أو أمنية بنهاية عهده، أو إعادة تلميع صورته أمام الرأي العام بعد سلسلة الإحباطات والفشل الذريع بممارساته وسياساته.
ويراكم عون وتياره الخسائر السياسية، بعد سلسلة من الخيارات والتصرفات الخاسرة بدءا من فشل التعديلات على قانون الانتخابات النيابية، وصفقة المقايضات الشهيرة بالتعيينات وملف إزاحة القاضي طارق البيطار، وتعذّر الدعوة إلى عقد طاولة الحوار الوطني في بعبدا.
وتتوقع المصادر السياسية أن يكون لسيناريوهات الملاحقات القضائية لسلامة والتي يصوغها عون على مقاسه، ردود فعل عكسية، ونتائج سلبية ترتد على العهد وتزيد من النقمة الشعبية عليه.
ويعتبر ملف حاكم مصرف لبنان من أبرز الملفات التي قد تقود إلى تفجير مجلس الوزراء من جديد، بالرغم من أن المجلس لم يذهب إلى مقاربة الأحداث التي كانت ترافق جلسته الأخيرة التي عُقدت في القصر الجمهوري، حيث كانت الجلسة تُعقد على وقع محاولات أمن الدولة تنفيذ مذكرة الإحضار الصادرة عن المدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، المحسوبة على الرئيس اللبناني.
وتشير دوائر مقربة من الحكومة إلى أن غالبية الأفرقاء، لاسيما المشاركين في الحكومة، يعتبرون أن هدف العهد من وراء ما يحصل هو الكسب الانتخابي، أي تقديم رأس حاكم مصرف لبنان على أساس أنه انتصار نجح في تحقيقه قبل فترة قصيرة من موعد الانتخابات خصوصا أن هذه المسألة تدغدغ مشاعر المودعين، الذين يشعرون بالنقمة على سلامة والمصارف.
وتقول الدوائر إنه حتى لو تمت إقالة سلامة، فإن الغالبية لن توافق على تحقيق الهدف الأساسي لفريق العهد، أي تعيين شخصية مقربة منه في هذا المنصب، ما يرجّح خيار تعيين حارس قضائي على المؤسسة، لاسيما أن هناك من يرفض بشكل مطلق فتح ملف التعيينات بأيّ طريقة من الطرق.
ويرفض الثنائي الشيعي حزب الله – حركة أمل تقديم أي هدية للعهد المقبل على نهايته خلال أشهر، ويرفض طرفه الثاني الاسم المقترح من قبل التيار الوطني الحر أيّ جهاد أزعور.
وسترفض حركة أمل كل التعيينات لأنّه من غير المنطقي فتح هذا الملف قبل الانتخابات النيابية بأسابيع، ومن غير المقبول في السياسة تثبيت شخصيات للعهد الذي ينتهي قريبا.
ودفع صراع التعيينات رئيس حركة أمل والبرلمان اللبناني نبيه بري إلى رفض تعيين المنصب الأمني الشيعي في مديرية أمن الدولة، أما بالنسبة إلى الحاكم المركزي، فالمشكلة في البديل لا تزال قائمة.
وكشفت مصادر لبنانية أن المصارف الرئيسية في لبنان “أرسلت إشارات للمعنيين، بأنه لمجرد توقيف سلامة، فإنها ستقفل أبوابها ويغادر رؤساؤها لبنان، تحسبا واحتجاجا على نمطية التعامل بمثل هذه العشوائية مع القطاع المصرفي”.
وذكّرت “بما حدث عند إغلاق المصارف بعد السابع عشر من أكتوبر 2019، غير أن هذه المصارف لا اعتراض لديها، في حال قرر مجلس الوزراء إخراج سلامة من موقعه وتعيين سواه، بالطريقة القانونية السليمة”.
وفي وقت سابق، أكّدت المدّعية العامّة في جبل لبنان القاضية غادة عون، “أنّها ستواصل ملاحقة حاكم مصرف لبنان”، الّذي تغيّب عن حضور جلسة استماع كشاهد، على الرّغم من استدعائه.
ولفتت إلى أنّ “جهاز أمن الدولة اللبناني بحث عن سلامة في 3 مواقع مختلفة، الثّلاثاء الماضي، بما في ذلك المقرّ الرّئيسي لمصرف لبنان وعنوانَين شخصيَّين”، مشيرة إلى أنّ “قوى الأمن الداخلي منعت عناصر أمن الدولة من دخول الموقع الثّالث، الّذي تمّ تحديده على أنّه منزل سلامة، ولكن ليس من الواضح ما إذا كان رياض سلامة داخل هذا الموقع”. ووَصفت تلك العرقلة بأنّها “غير قانونيّة وإجراميّة”.