كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
حضر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في مؤتمر الأمن المنعقد في ميونيخ، على أمل التقاء بعض رؤساء الدول والحكومات المشاركة واستقطاب الدعم للأوضاع اللبنانية المتهالكة، اقتصاديا وقضائيا وأمنيا، حيث باتت الولاءات سياسية أكثر منها وطنية، بغياب الاستراتيجية الأمنية والدفاعية، وفي ظل الحضور العسكري المتزايد لحزب الله، والمتمثل بالصواريخ الدقيقة والمسيرات، التي كشف عنها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله.
ويكاد التزامن ان يكون واردا، بين مؤتمر ميونيخ للأمن، وبين إعلان إسرائيل عن إسقاط طائرة مسيرة، انطلقت من جنوب لبنان، وذلك بعد ساعات من كشف إسرائيل عن إحباط هجوم بطائرتين مسيرتين، أطلقتا من إيران عبر العراق، وبعد أقل من 24 ساعة من إعلان السيد نصرالله، عن تصنيع الحزب للمسيرات في لبنان.
وزعمت قناة 12 الإسرائيلية، ان نصرالله زار طهران منذ شهرين سرا، وناقش مع مسؤولي الحرس الثوري الإيراني، إمكانية مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية، وان الإيرانيين أرادوا ضمانة من حزب الله بالرد على إسرائيل، حال تعرض المنشآت الإيرانية للهجوم.
وعلى الأثر شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات وهمية فوق الجنوب امتداد إلى أجواء بيروت.
وقد حجز الرئيس ميقاتي موعدين مع كل من المستشار الألماني اولاف شولتز ووزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن. وهو كان التقى قبل مغادرته بيروت، السفيرة الأميركية دوروثي شيا، في إطار متابعة محادثات الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، حول ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، وفي مواعيد اللقاءات التي سيجريها ميقاتي في ميونيخ، إضافة الى تشديد شيا على إجراء الانتخابات في موعدها، ونفت مصادر حكومية ان تكون السفيرة الأميركية قد تطرقت الى موضوع الساعة في لبنان الآن، وهي الملاحقات القضائية المفتعلة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وللمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، على خلفية ما يزعم عن عرقلة إحضار الحاكم سلامة موقوفا إلى مكتبها لاستجوابه كشاهد!
ومن القاهرة أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري التمسك بالانتخابات التشريعية في موعدها، مقابل تطمينات حزب الله العلنية، واستعدادات الفريق الرئاسي الظاهرة من دون الأخذ بعين الاعتبار الذرائع التي قد تستحضر، على غرار الملاحقات القضائية المفتعلة، ضد أركان السلطة العامة، لحساب المصالح الشعبوية والانتخابية.
ويبدو ان على جدول أعمال ادعاءات القاضية عون الوثيقة الصلة برئيس الجمهورية ميشال عون، أسماء جديدة لأصحاب مصارف منسوب اليهم التعاون مع سلامة، وهو ما كانت حذرت منه جمعية المصارف، ملوحة بإقفال مصارفها ومغادرة لبنان.
وفيما تتالت الحملات الإعلامية بين الفريق الرئاسي، وبين تيار المستقبل، انضم الحزب التقدمي الاشتراكي الى المستقبل في إدانته ما اعتبره إمعانا عبثيا من بعض المتحكمين بشؤون البلاد، عبر إصرارهم على ضرب مؤسسات الدولة تباعا، وفي هذا السياق تندرج الدعوى المستهجنة التي استهدفت قوى الأمن الداخلي ومديرها العام اللواء عماد عثمان، ودعا الحزب الى تحصين السلطة القضائية.
بدورها القوات اللبنانية، وعبر النائبة ستريدا جعجع توقفت «أمام آخر المعارك الوهمية التي اعتدنا عليها منذ اعتلاء الرئيس عون رئاسة الجمهورية»، هي الادعاء على المدير العام لقوى الأمن الداخلي في محاولة لإخضاع هذه المؤسسة، الرافضة للخضوع إلى الرغبات الشخصية والسلطوية.
وتجدر الإشارة إلى ان وزير الداخلية بسام المولوي لم يعط الإذن بملاحقة اللواء عثمان، ولا الأخير تبلغ الادعاء عليه أو دعوته إلى مكتب المحقق الأول في جبل لبنان نقولا منصور، الخميس المقبل.
المصادر المتابعة ترى ان حروب ما قبل نهاية الولاية الرئاسية التي يشنها الفريق الرئاسي للتغطية والتمويه والتمظهر بمكافحة الفساد، لن تثمر، وتوقعت قناة «ام تي في» أن هذه المسرحية الهزلية ستستمر حتى موعد الانتخابات، لأن الرئاسة والتيار الحر بحاجة لمن يحملانهما مسؤولية النتائج الكارثية لأدائهما في الأعوام الخمسة الماضية، وبما ان التصويب على رئيس مجلس النواب نبيه بري بات متعذرا، لأن التيار الحر بحاجة الى أصوات ثنائي أمل وحزب الله في بعض الدوائر الانتخابية، فقد كان البديل، التهجم على الحاكم المركزي وعلى اللواء عثمان، وما يمثلان على الصعيد السياسي، وتحديدا مع تيار المستقبل.
وضمن خلفيات استعجال إبعاد سلامة عن حاكمية المصرف المركزي، عبر الإدانة القضائية، تعذر إقناع بري وميقاتي ومن خلفهما قوى سياسية معارضة، بإطاحة سلامة من خلال مجلس الوزراء تحسبا لتعيين خلف له من بطانة رئيس التيار الحر جبران باسيل، على غرار وزراء الطاقة الذين تعاقبوا على هذا المرفق الحيوي من بعده، تأمينا للاستمرارية وكتمان الأسرار، وربما وصولا الى إلغاء الانتخابات بالفوضى الأمنية والقضائية غير الخلاقة الحاصلة، في حال لم تبصر صفقة هوكشتاين النور والقائمة على مقايضة ترسيم الحدود البحرية على أساس الخط 23 بالتمديد للرؤساء سنتين الى الأمام.
وفي هذا السياق، نبه «لقاء الجمهورية» خلال اجتماعه الدوري عبر «زووم» من خطورة التسويق لتأجيل الانتخابات، من خلال المطالبة باعتماد «الميغاسنتر» المستحيل تطبيقه، قبل أقل من 100 يوم من موعد الانتخابات المقررة في 15 مايو، واعتبر اللقاء ان هذا الطرح مشبوه ويخفي في طياته خشية مبطنة من تمديد وشيك.
وجدد اللقاء الذي يرأسه الرئيس السابق للجمهورية ميشال سليمان، دعوة جميع القوى السياسية الى إعلاء الصوت في مواجهة أي مشروع يعمل على سلخ لبنان عن محيطه العربي، ويتعمد تخريب علاقاته التاريخية، من خلال زجه عنوة في المحاور المتناحرة، أو جعله رهينة بيد الخاطف، حتى انتهاء عملية التفاوض النووي.