“الانتخابات النيابية المقبلة هي بمثابة حرب تموز سياسية لأنهم يريدون سلاحنا ومقاومتنا ومجتمعنا لكي تكون الكلمة في بلدنا لإسرائيل وأميركا. الأميركي والإسرائيلي والأوروبي يريدون السلاح والمقاومة والمجتمع ليأتوا بمجلس نيابي يستطيع انتخاب رئيس للجمهورية يشكل حكومة تستطيع أن تفعل ما يريدون”.
رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” ابراهيم أمين السيّد- 22 شباط 2022.
كلام السيد ابراهيم أمين السيّد يشبه دس السمّ في الدسم للبنانيين عموماً ولأبناء الطائفة الشيعية الكريمة خصوصاً. فالسيّد نسي أو تناسى أنه، ومنذ حرب تموز تكفّل “حزب الله” بتأمين أهدأ جبهة متاخمة لإسرائيل، لا بل بات يعمل على تأمين أمن إسرائيل، والحزب حليف لصيق لمن أعلن أنه مع حق إسرائيل بالأمن والحياة، عنيت النائب جبران باسيل في تصريح لقناة “الميادين” الإيرانية التمويل تحديداً.
لا بل إن الحزب حليف لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وأوصله إلى بعبدا بعد تعطيل الانتخابات الرئاسية لسنتين ونصف السنة، والرئيس عون هو من يقود مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل والتي بموجبها رفض التوقيع على المرسوم 6433 منذ أشهر طويلة تمهيداً للتراجع اليوم إلى الخط 23 والتنازل لإسرائيل عن 1430 كيلومتراً مربعاً من الحقوق البحرية اللبنانية، وتكفّل باسيل بكل وقاحة بتبرير هذه الخطوة بأن لا قيمة للمياه إذا لم تحتوِ على ثروات!
وبالتالي من ينفذ ما تريده أميركا وإسرائيل هو تحديداً هذا العهد، عهد “حزب الله” بامتياز، والذي يسعى الحزب في نهايته الى محاولة ضمان استمرارية باسيل على قيد الحياة سياسياً من خلال العمل لتأمين أوسع تحالفات انتخابية ممكنة له لمساعدته على الإتيان بأكبر كتلة ممكنة وإن عبر نواب “بالإيجار السياسي”.
أميركا وإسرائيل وموفدهما آموس هوكشتاين لا يحلمان بمفاوض أفضل من هذا العهد بكل أركانه لتأمين مصالح إسرائيل، ولا يرغبان بمن يضمن أمن حدود إسرائيل الشمالية أفضل من “حزب الله”. لا حاجة لإلقاء الاتهامات جزافاً واعتبار أن كل من يقترع ضد “حزب الله” هو عميل لإسرائيل، بل إن الوقائع باتت تثبت العكس وهو أن كل من يقترع لـ”حزب الله” وحلفائه يستحق الاتهام بالعمالة لإسرائيل بعد كل الوقائع المثبتة بالأدلة والمفاوضات والتنازلات والتبريرات السخيفة.
إن المعركة الانتخابية اليوم ليست “حرب تموز سياسية”، بل هي بالفعل معركة العلمين الثالثة لتحرير لبنان من الاحتلال الإيراني المتمثل بسلاح “حزب الله”، ما ينعكس عملياً بإجهاض مساعي إسرائيل لتحصيل كل ما ترغب به بمجرّد القبول بتسليم إيران الهيمنة على لبنان وبسط نفوذها فيه بالكامل عبر تمكن “حزب الله” من بسط سيطرته على كل المؤسسات. هي إذا معركة العلمين الثالثة، أو فلنقل إننا سنحتاج في الانتخابات المقبلة إلى “إنزال نورماندي” جديد خلف خطوط الثنائي الشيعي في الجنوب والبقاع الشمالي لخرق حصرية التمثيل الشيعي لهذا الثنائي وفرض بداية التغيير الفعلي إنطلاقاً من الداخل الشيعي.
إنها حرب نعم، لكنها حرب استعادة السيادة والكرامة الوطنية التي دمرها “حزب الله” لمصحلة إيران، وهي حرب وطنية لاطائفية، حرب بالكلمة والصوت بوجه كاتم الصوت وسياسة التهديد وكمّ الأفواه، وعلى اللبنانيين خوضها بكل ما أوتوا من قوة وعزم من أجل تحرير لبنان ورفع الهيمنة عنه بعد وصولهم إلى قعر جهنم، ولن تنفع محاولات التهويل ولا بروباغندا التضليل في ثنيهم عنها…