IMLebanon

المسلمون السنّة… نقطة الإرتكاز في السياسة اللبنانية

كتب المحامي زكريا الغول في “اللواء”:

يحيط نوع من الغموض حول التوجهات الإنتخابية لدى الطائفة السنيّة في الإستحقاق الإنتخابي المقرر في أيّار المقبل، وتترقّب دوائر القرار المحليّة والدوليّة ما ستحمله صناديق الإقتراع لدى الطائفة السنيّة، مع إتخاذ قيادات الصفّ الأوّل في الطائفة قرار الإبتعاد عن خوض المنازلة الإنتخابية، إضافة لموقف الرئيس سعد الحريري بالإبتعاد مرحلياً عن ممارسة العمل السياسي.

قرار بعض القيادات السنيّة ترك نوع من التخبّط لدى الناخب السنّي، وأوجد شعور بالإحباط لدى مناصري تلك القيادات، معطوفاً على شهية للإستثمار في البيئة السنيّة من قبل المكوّنات اللبنانية، الأمر الذي يؤكّد أهميّة الطائفة السنيّة في الحياة السياسيّة.

تشكّل الطائفة السنيّة بإمتدادها وتمركزها في مدن لبنان الكبرى، نقطة ثقل مركزية في رسم الخريطة السياسية اللبنانية، ففي فترة الحرب الأهلية، ورغم عدم مشاركة السنّة كمكوّن في الأعمال العسكرية، فشلت كل المحاولات لإنتاج تسوية سياسية بغيابهم عنها، وأبرز مثال على تلك المحاولات كان الإتفاق الثلاثي الذي وقع في دمشق عام 1985 ولم يكن السنّة طرفاً فيه، وبالنتيجة فشل هذا الإتفاق في وضع حد للإقتتال الداخلي وإنتاج تسوية للنزاع العسكري، بخلاف ما تمّ التوصّل إليه في إتفاق الطائف، حيث تمّ إنتاج تسوية للحرب الأهلية عبر إتفاق دولي – عربي، ومشاركة فعّالة للطائفة السنيّة.

وفي فترة ما بعد إتفاق الطائف، أثبت السنّة أهميّة دورهم في القرار السياسي الداخلي، وشكّلوا نقطة إلتقاء مع المحيط العربي وعامل إستقرار داخلي، لتبدأ محاولات إنهاء قدرات المكوّن السنّي عبر سلسلة من الإغتيالات شكّلت إستمراراً لجرائم إغتيال تمّت في فترة الحرب وطاولت قامات كبرى في الطائفة.

إن الشعور بالإحباط لدى السنّة ليس منفصلاً عن ما يحصل لدى أقرانهم في عدد من الدول العربية، وهو أيضاً نتيجة لسياسات خاطئة إعتمدت من بعض قياداتهم، وتمثّل الدعوات للمقاطعة إحدى أوجه ومظاهر ذلك الإحباط.

نتيجة التركيبة اللبنانية القائمة على تمثيل المذاهب في الحياة السياسية، لن يكون بالإمكان السير بتسوية جديدة في غياب المكون السني أو بإبعاده عنها، والإتفاق الثلاثي خير مثال على ذلك، وإنطلاقاً من ذلك، فعلى باقي المكوّنات اللبنانية أن تعي خطورة السير بأي تسوية في غياب السنّة أو تغييبهم، كما على السنّة أن يعوا أهميتهم في رسم خريطة سياسيّة جديدة للبنان أو بإنتاج تسوية مختلفة عن تلك الكارثية التي تمّت في العام 2016.

إن أي محاولة لإخراج لبنان من أزماته لن يكتب لها النجاح في غياب الطائفة السنيّة أو بإبعادها، والمقصود هنا صحة تمثيلها، فالعرب هم الجهة الوحيدة القادرة على مساعدة لبنان، وأي محاولة لطلب العون العربي لن يكتب لها النجاح مع تهميش الطائفة السنيّة في لبنان، كونهم الإمتداد الطبيعي للمحيط العربي.

إن أبرز المحطات السياسية اللبنانية إرتبطت في مكان ما بالموقف السنّي، فالإستقرار الداخلي عقب إعلان دولة لبنان الكبير لم يتحقق إلا مع القبول السنّي، أضف الى ما تقدم، فإن الموقف السّنّي في العام 1943، كان الركن الأساس في تحقيق الإستقلال وإنتاج التسوية الداخلية مع موقف عربي داعم، ومثله حدث في العام 1958، حيث تمّ إنتاج تسوية بعد قبول سنّي.

أمام الإستحقاقات الكبرى القادمة في العام 2022، سيبقى السنّة نقطة الإرتكاز في الحياة السياسية الداخلية، وكل المحاولات لتهميشهم أو تغييبهم سيكون مصيرها الفشل، فهذه الطائفة ولّادة، وقد قدّمت للبنان شخصيات كبرى إرتبط معها تاريخ لبنان.