العالم مشغول بحرب أوكرانيا وتطوراتها المتمثلة بتلويح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأسلحة النووية، والمسؤولون اللبنانيون منشغلون بخلافاتهم وسط العجز على توفير سبل إخراج الطلاب اللبنانيين من مسرح الحرب، ما أثار حمية بعض رجال الأعمال والمرشحين للانتخابات، للتبرع بهذه المهمة، بالتنسيق والتعاون بين الصليب الأحمر اللبناني والصليب الأحمر الدولي وبرعاية وزير الداخلية بسام المولوي، تحت ضغط أهالي الطلاب المتروكين في أوكرانيا.
وبعد أزمة بيان وزارة الخارجية بإدانة الاجتياح الروسي لأوكرانيا، عادت الاستحقاقات الداخلية الى لعب دور حلبة الصراع، بين القوى السياسية البارزة وتحديدا بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس التيار الحر النائب جبران باسيل، وعبره رئيس الجمهورية ميشال عون، حول خطة التعافي التي يعمل عليها رئيس الحكومة بتشجيع فرنسي، وتحديدا خطة الكهرباء، التي يتمسك بها باسيل، رغم يباس عشبها، وجفاف ضرعها، خلال سنوات وجودها في كنف التيار الحر.
فقد لاحظت مصادر متابعة، إثارة النائب باسيل بعض الملفات، بهدف إرباك رئيس الحكومة، لدفعه الى مماشاته في بعض الخطط، أو حمله على الاستقالة، لتعطيل الانتخابات النيابية، كما تقول صحيفة «اللواء» الوثيقة الصلة بميقاتي، لأن استطلاعات الرأي لا تبشره بالخير، بسبب أداء الطاقم الرئاسي، وباسيل يلعب فيه دور المايسترو، منذ 10 سنوات.
وحددت المصادر موضوعي الخلاف بين ميقاتي وباسيل، وهما خطة التعافي الاقتصادي، ومن ضمنها خطة الكهرباء، فضلا عن بيان وزارة الخارجية حول الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وقد حاول باسيل الدخول على الخطوط الأساسية للخطة من خلال مستشار رئيس الجمهورية شربل قرداحي الذي هو مستشار باسيل في ذات الوقت، لاسيما في مجال الإصلاحات الهيكلية في وزارة الطاقة وبالذات خطة الكهرباء، وتحديد نسبة الخسائر المالية. وعندما رفض ميقاتي التدخل في رسم الخطة من غير الوزراء المعنيين، شن باسيل حملة شعواء على اللجنة الوزارية، التي كان فيها من يمثل التيار وبالتالي رئيس الجمهورية. متهما إياه بعدم اطلاع الرئيس عون على مضمون الخطة، خلافا للواقع. ثم أرفق حملته بفبركة ملاحقة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام قضاة ومجموعات محسوبين على التيار.
واقترح رئيس الحكومة سلسلة تعديلات على خطة الكهرباء بعدما تبين له وجود بصمات لباسيل ومستشاريه في بعض تفاصيلها، لتتناسق مع مستلزمات النهوض بالقطاع، بعيدا عن الخطط الفاشلة، مستبعدا إنشاء معمل لتوليد الكهرباء في بلدة سعاتا البترونية كما يصر باسيل على إدراجه ضمن الخطة. هنا حرك باسيل ملف ملاحقة سلامة مجددا، بقصد لي ذراع رئيس الحكومة الذي يرفض إقالة الحاكم، انسجاما مع نظرية «لا تغيير للضباط أثناء الحرب»، وأضاف بواسطة القاضية غادة عون ملف ملاحقة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. وأمام رفض ميقاتي لضغوط باسيل وتعطيله موضوع الملاحقات المفبركة، أصر على التعديلات المطروحة على خطة الكهرباء بالتزامن مع المفاوضات مع شركة «سيمنز» الألمانية، التي تعهدت ببناء المعامل في غضون 18 شهرا، فيما خطة وزير الطاقة وليد فياض المستنسخة عن خطط أسلافه في الوزارة، يتطلب تنفيذها 3 سنوات، وأيضا المفاوضات شركة كهرباء فرنسا للاستحصال على أفضل العروض الممكنة على صعيد التمويل وتطور الصناعة، وهذا ما أدى إلى إرجاء إقرار الخطة في مجلس الوزراء إلى ما بعد الانتخابات والاكتفاء بإقرارها من حيث المبدأ، بسبب رفض الرئيس عون السير فيها. رغم تضمينها إنشاء معمل في سلعاتا الذي يتمسك به باسيل، والذي ما ان اطلع على مفاوضات ميقاتي مع شركة «سيمنز» حتى هرع إلى ألمانيا برفقة وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل، لمفاوضة مسؤولي «سيمنز»، في عملية التفاف على مفاوضات رئيس الحكومة، لغاية الاحتفاظ بملف الكهرباء، التي تحولت الى دجاجة تبيض ذهبا.