كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
بدا على المسرح الإنتخابي كممثل في امتحان أمام لجنة فاحصة. أعدّ نصّاً وتمرّن عليه في البيت جيّداً. قرأه على البرومتر بنبرة مموسقة، مانحاً صوته مدى تعبيرياً. مدّ المرشّح المختار عنقه مع أحرف المدّ، وكاد جذعه ينفصل عن حوضه وهو يعد بإسقاط العروش ويبثّ في الرفاق “روح التغيير التي لا يحدّها زمان أو مكان” شاهراً سيف الحق خائضاً معركة الحرية، التي تحتاج إلى “وجه مكشوف” وطبقات صوتية عالية.
منعاً للتكلّف، وإسقاطاً للحواجز بينه كنخبوي وبين القاعِدة القاعدة على كراسي الدهشة تتأمل ضجرة الخطيب يشرئبّ ويتعملق، تكلّم صاحب المعالي بالعامية فبدا في عاميّته متفلسفاً في اختيار المفردات، وضرب فن الممكن على قفاه وجَهر بانقلابه عليه والإنحياز إلى المستحيل “إيه نحن منعشق المستحيل” قال وزاد في التعبير حتى انفلق.
هو واحد من مرشحي الـ 2022 المميزين، علماً وشياكة وتاريخاً والتزاماً وموهبة في الأداء تماثل موهبة رئيس حزبه في مخاطبة الكاميرا وتقليد إيمانويل ماكرون. هو مرشّح جدي يطمح إلى قيادة مقطورة التغيير وسفينة الحرية في دائرة لا خبز له فيها ولا مجرّد حظ. صاحب المعالي مرشح للنيابة، إن خسر تخسر الحرية، وهي شغلته وهو شاغلها. وإن ربح فقد يرفد الكتلة النيابية الهزيلة بثقل… نوعي. وما يقال عن دكتور يميني، يُقال عن دكتور يساري، قدّم دفعة واحدة 52 مرشحاً، وفتح الباب على مصراعيه لتطويع دفعة جديدة من مرشحي “المواطنين والمواطنات”.
“قادرين نخلّي الأزمة فرصة” اسم لائحة الدكتور شربل نحاس. إسم ثقيل على القراءة والسمع يحاكي اسم “حركة مواطنين ومواطنات في دولة” في الثقل. بهم الإثني والخمسين مواطناً ومواطنة، وبمن سيلتحق بهم سيسترجع الحق السليب. كأني بالوزير السابق يخوض معركة على تخوم كييف “صدّ الهجوم وكسر الخصم هما الوجهة” ولا يساور الوزير المثقف أيّ شك أن النصر حليفه ولن ينقضي الأسبوعان المقبلان إلّا ويكون غطّى بترشيحاته دوائر لبنان الإنتخابية كلّها رافداً الخزينة بمئات الملايين. يرحم ترابك يا سرفانتس لم تعش خمسمائة سنة زيادة لتعاصر شربل نحاس، عاشق المستحيل!
وعلى مستوى الزهو نفسه، بدأ بعض الفائزين بلقب مرشّح، يتبخترون في دوائرهم كطواويس صغيرة وجميلة، وإن طلعوا في مقابلة، يطلع البخار ويشكّل غشاوة على شاشات التلفزة. عودوا إلى الأرض يا جماعة.