كتب عمر البردان في “اللواء”:
لم تحجب الحرب الروسية على أوكرانيا، استمرار الاهتمام الخارجي بتطورات الأوضاع في لبنان، من خلال زيارتي وفد الصندوق الدولي ووزارة الخزانة الأميركية، في حمأة التحضيرات للانتخابات النيابية المقررة في منتصف أيار المقبل . وتعكس الزيارتان وما تخللهما من لقاءات لمسؤولي الوفدين مع شخصيات رسمية وسياسية، وفق ما تقوله أوساط حكومية لـ«اللواء»، «مدى الاهتمام الدولي بمجريات الأمور في لبنان، السياسية والاقتصادية، باعتبار أن هناك حرصاً من جانب الدول المانحة على إنقاذ لبنان»، مشيرة إلى أن «التفاوض مع صندوق النقد سيستكمل بشأن خطة التعافي، بعد أن تمت الموافقة على خطة الكهرباء، وهي كانت شرطاً من الشروط الدولية لتقديم الدعم. وبالتالي فإن ما تحقق حتى الآن يعتبر أمراً إيجابياً، في طل إصرار الحكومة على استكمال برنامجها الإنقاذي لإخراج لبنان من مأزقه» .
وتكشف الأوساط، أن «الاهتمام الدولي منصب أيضاً على ضرورة التزام لبنان بإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها، على اعتبار أن المجتمع الدولي يراهن على أن يكون هذان الاستحقاقان، مناسبة لإنتاج طبقة سياسية جديدة، بإمكانها توفير الأجواء الملائمة لاستعادة لبنان عافيته، وتجاوز أزماته الاقتصادية والاجتماعية». وقد أكدت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، أن وفد الصندوق بحث في موضوع استئناف المفاوضات مع الحكومة، انطلاقاً من أهمية استجابة لبنان لكل ما يتوجب عليه اتخاذه من إجراءات وتدابير، تراعي شروط المجتمع الدولي لمساعدته على تجاوز أزماته وما أكثرها. أما وفد الخزانة الأميركية، فأكد على استمرار الدعم الأميركي للبنان، مقابل حرص الأخير على التزام القوانين الدولية في محاربة الإرهاب ومكافحة الفساد، كذلك الالتزام بالقوانين الدولية المرعية الإجراء، إضافة إلى نقله رسالة من حكومة بلاده، باعتبار الانتخابات النيابية والرئاسية أولوية .
وسط هذه الأجواء، يظهر بشكل واضح ابتعاد المواقف بين دار الفتوى ومعها الرئيس فؤاد السنيورة وقيادات سياسية سنية، من جهة، وبين «تيار المستقبل» ورئيسه،الرئيس سعد الحريري، في ما يتصل بالانتخابات النيابية، بعدما حسم مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان الأمر، بدعوته الجميع إلى المشاركة في الاستحقاق النيابي، على خلاف موقف الحريري وتياره، الرافض للمشاركة في هذه الانتخابات، اقتراعاً وترشحاً. في ظل معلومات تشير إلى أن هناك شخصيات «مستقبلية»، قد تأخذ قراراً ذاتياً، ومن خارج عباءة «الأزرق»، بالترشح للانتخابات، لعدم إفساح المجال أمام حلفاء «حزب الله» من الوصول إلى الندوة النيابية، دون استبعاد أن يعلن الرئيس السنيورة ترشحه، بعد موقف المفتي دريان الذي وفر الغطاء السني، الروحي والسياسي في آن، لأبناء الطائفة، للمشاركة الواسعة في هذا الاستحقاق . وكانت لافتة، زيارة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي، إلى «دار الفتوى»، غداة دعوة المفتي دريان، لمشاركة الجميع في الانتخابات النيابية، حيث أكد بعد لقائه مفتي الجمهورية، أن الاستحقاق النيابي سيجري وهذا التزام من الحكومة والتزام منه شخصيا، مضيفًا:«الذرائع تزول وتمكنا من إنجاز كل التحضيرات ونتابع الوضع الأمني للوصول إلى انتخابات آمنة».
ويرى نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش أن دعوة الرئيس السنيورة للمشاركة في الانتخابات، انطلاقاً من «تجنب فتح الباب للفراغ لكي يملأه كائناً من كان، وأن تبقى المواجهة على المستوى البرلماني داخل لبنان وعدم إعطاء شرعية مفتوحة لمن دمّر البلد وخرّبه، وتحدّث بوضوح عن المشروع الإيراني وحزب الله». أما الوزير السابق اللواء أشرف ريفي، فكان واضحاً في تأييد موقف الرئيس السنيورة، لناحية «المشاركة بكل الاستحقاقات الوطنية، والانتخابات مهمة للغاية حتى نتخلص من قبضة الدويلة»، لافتاً إلى أنّ «تعدد الآراء عند السنة هو أمر صحي ومتأكد أن المشاركة السنية في الانتخابات ستكون مرتفعة ولن تكون هناك مقاطعة». في إشارة إلى أن هناك إمكانية لأن لا يكون هناك التزام من جانب الجمهور السني، بدعوة الرئيس الحريري إلى مقاطعة الانتخابات .
وإلى جانب الملفات التي ترخي بثقلها على المشهد الداخلي، في الوقت الذي لا زالت القوى الأمنية، تلقى إشادات واسعة بإنجازاتها في مواجهة المنظمات الإرهابية، وآخرها تفكيك شبكة «داعشية» كانت تخطط لتفيذ تفجيرات بالضاحية الجنوبية لبيروت، فإن المواقف الرافضة لحملة العهد على المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مرشحة لمزيد من الاتساع في المرحلة المقبلة، لمواجهة الاستهدافات الكيدية، من أجل رفع شعبية «التيار الوطني الحر» ورئيسه النائب جبران باسيل مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، وتوازياً مع «المطاردة» المتواصلة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق من «قضاء» العهد و«أمنه»، دون إغفال سيل الأسئلة عن أسباب تراجه الرئاسة الأولى عن الخط 29، والعودة إلى القبول بالـ23، في ما يتصل بالترسيم البحري، وسط استغراب إن صح التعبير، عن سر استفاقة «حزب الله» الآن عن الدور «غير النزيه» للوسيط الأميركي .