IMLebanon

البلديات… خط الدفاع الأخير قبل انهيار الدولة

كتب جان الفغالي في وكالة “أخبار اليوم”:

مَن عايش سنوات الحرب، من العام 1975حتى العام 1990، لم يشاهد ما يشهده هذه الأيام من تحللٍ واهتراء في إدارات الدولة وأجهزتها، وكأن ما لم ينهشه الفساد، ينهشه الإهمال عن سابق تصور وتصميم.

معاينة بسيطة لِما تشهده البنى التحتية، تؤشِّر إلى وضعٍ كارثي ليس بالإمكان تصحيحه في المدى المنظور:

سرقة أعمدة كهرباء! نعم، صدِّقوا، سرقة أعمدة كهرباء، وهذا النوع من العمليات لا يتم في مناطق مقفرة لا أناس فيها، بل في شوارع وقرى وبلدات مأهولة، والحركة فيها دائمة، فكيف تتم سرقة عمود في وضح النهار وأمام أعين المواطنين والمارين وخصوصًا أمام شرطة البلدية؟

وما يُقال عن الأعمدة يُقال عن أغطية “الريغارات”! المشهد مريع: أوتوسترادات وطرقات فرعية باتت خطرًا على السيارات لأنها تُشكِّل كمائن لها، والأخطر من ذلك أن لا إمكانية لتأمين البديل لِما هو مسروق.

النوع الثالث من السرقات، كابلات الكهرباء، وهذه السرقات تتسبب في حرمان المناطق من الأوقات النادرة التي تتأمن فيها الكهرباء من مؤسسة كهرباء لبنان.

إلى السرقات، هناك اوضاع الطرقات حيث الحفريات تشبه تلك التي كانت تسببها القذائف ايام الحرب، وإذا كان بالإمكان تجنب هذه الحفريات خلال النهار، فإن تجنبها مستحيلًا في الليل حيث لا إنارة على معظم الطرقات بحيث يكون سقوط السيارات في هذه الحفر لا مفر منه.

هذه عيِّنة عشوائية من حال الترهل لبنىً تحتية بالإمكان معالجتها، ولكن كيف ؟

الجميع يعرف أن إدارت الدولة ووزاراتها باتت في وضعٍ يُرثى له لجهة غياب القدرة على تقديم الخدمات، هل تُترك الأمور على غاربها؟ هناك طريقة وحيدة للخروج من “مستنقع الإهمال” هذا، البلديات :

فالبلديات التي هي “الإدارة المحلية” الاصغر، بإمكانها من خلال هيكلياتها وعمالها وما تملك من صلاحيات، ضبط الاوضاع التي تعكس الإنهيارات المتتالية، لتشكِّل خط الدفاع الاخير عما تبقَّى من بنى تحتية لا مجال لتعويضها في المدى المنظور، فسرقة الاعمدة واغطية الريغارات وكابلات الكهرباء، بإمكان شرطة البلديات أن تضع حدًا لها، ومعالجة الحفر على الطرقات لا تستعصي على البلديات. كل ما هو مطلوب “هِمَّة بلدية” للحفاظ على ما تبقَّى ولتفادي الإنهيار الشامل، وعندها لا لزوم للبلديات.

هل تتم الإستجابة قبل فوات الأوان؟ هل تحرِّك وزارة الداخلية والبلديات؟

حتى من دون تحريك وزارة الداخلية المطلوب من البلديات، من تلقاء انفسها التحرك لمعالجة ما سبق طرحه، وهذه المعالجة لا تكلِّف ليرة إضافية، إذا كان التذرع بـ”عدم توافر المال ” في صندوق البلدية وفي ميزانيتها، هو السبب.