كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
من لحظة إعلان سعد الحريري تعليق عمله السياسي وقبلها، كان واضحاً أن نواب «المستقبل» لن يلتزموا بقراره أو يستمعوا لنصائحه، وسيقدّمون ترشيحاتهم للإنتخابات النيابية، خارقين بذلك موقف «التيار» ورئيسه بالنأي بالنفس عن الإستحقاق الإنتخابي.
إعلان الحريري تعليق العمل السياسي لتيار «المستقبل» لم يمنع نواب «التيار» من الإعلان صراحة عن نيتهم خوض الإنتخابات ولو لم يخضها رئيسهم، على قاعدة أنهم حلفاء «التيار» وليسوا أعضاء في التنظيم. ولطالما شكّل اعتماد الحريري على مرشحين من خارج الحالة التنظيمية لـ»التيار»، مصدر امتعاض لدى الجسم التنظيمي في الـ»تيار». فمسألة ترشيح الحريري لديما جمالي مرتين في طرابلس ومن خارج التنظيم على حساب مصطفى علوش المتوغل قدماً في الحالة التنظيمية، لم يهضمها جمهور التيار الأزرق حتى اللحظة. ليست ديما جمالي وحدها، فأكثرية نواب «التيار» كان يأتي بهم الحريري من خارج تنظيمه وحزبه.
أعلن الحريري قراره ومشى، عدد قليل من نوابه تضامنوا معه حينها، مثل رولا الطبش ونزيه نجم، لكن هؤلاء بحسب المعلومات يعدّون العدة للترشح ويبدو أن كلام الليل سيمحوه النهار. تمنيات الحريري على نوابه والإجتماعات المتتالية معهم لم تغيّر في موقفهم شيئاً. حتى عمّته النائبة بهية الحريري ونجلها أحمد والرئيس فؤاد السنيورة كانوا ضد قرار العزوف عن الإنتخابات في هذه المرحلة. طار الحريري إلى أبو ظبي وخلّف وراءه تياراً متعدد المواقف والقرارات وقد يصبح بعد فترة تيارات.
سارع الرئيس فؤاد السنيورة باتجاه المفتي دريان وأخذ منه البركة لينطلق بحملة مواجهة الحريري وقراره على قاعدة أن الساحة السنية لا يمكن أن تُترَك. أمدّ دريان السنيورة بجرعة دعم وانطلق برحلته باتجاه المشاركة السنية، وبدا أن نائب رئيس تيار «المستقبل» مصطفى علوش يؤيد طرح السنيورة وليس مع الإعتكاف والتخلّي. قدّم علوش أمس استقالته من تيار «المستقبل». وبعدما كان أعلن أنه اتصل بالرئيس سعد الحريري وشرح له مواقفه وأن الحريري رفض استقالته، عاد وصدر بيان قبول استقالته من تيار «المستقبل» وكأنه رد على موقف علوش.
نائب رئيس «التيار»، سابقاً، اعتبر في اتصال مع «نداء الوطن» أن «ليس للأمر علاقة بالإنتخابات النيابية المقبلة والترشح، فهناك خلافات وأمور غير متفق عليها مع قيادة التيار». ولا يعتبر علوش أن قراره سيشكّل ذريعة لغيره من الطامحين للترشح من قيادة «التيار» ليستقيل، إذ «لكل منهم خياره وهم أحرار». ويضيف: «أنا ما زلت على وفائي لسعد الحريري وهو يعرف ذلك وقد تتضح حيثيات القرار في الأيام المقبلة بعد مرحلة من التفكير والتأمل».
وشدد علوش على أن قراره ليس بسبب أي خلاف مع أي من أحمد هاشمية أو أحمد الحريري «فالإثنان لا يعنيان لي شيئاً بما خصّ هذا القرار».
مصادر مطلعة أكدت لـ»نداء الوطن» أن قرار علوش مرده إلى تأييد الأخير لحراك السنيورة الإنتخابي، فعلوش أوضح في سلسلة مواقف أنه لا يحبذ فكرة ترك الساحة السنية في مرحلة الإنتخابات، خلافاً لما قام به الحريري اخيراً.
يشير العارفون بأمر «المستقبل» إلى أن الحريري كان ينوي هذه الدورة ترشيح عدد من الأشخاص المنظمين نزولاً عند رغبة تنظيمه، لكن رياح الحريري جرت بما لا تشتهي سفن تياره. وعليه، وأمام حالة الضياع المستقبلية لدى القواعد، فإن صوت الإعتراض من منظمي «المستقبل» على عدم مشاركة مستقبليين في الترشح للإنتخابات بدأ يسمع في أكثر من منطقة، «نريد مرشحين يمثلوننا ولن نقبل أن نترك هكذا».
فهل سيترشح علوش إلى جانب السنيورة؟ ولماذا يحق لغيره من النواب الترشح ولا يحق له ذلك؟ وهل ستحمل الأيام المقبلة مزيداً من الإستقالات في صفوف قيادة الأزرق؟