كتب ناصر زيدان في “الأنباء”:
تداول معنيون بالعملية الانتخابية المقرر اجراؤها في أيار القادم، بمعلومات تفيد بأن القضاة الذين يتولون ضبط لجان القيد التي تشرف على الانتخابات وسلامتها، سيعلنون الامتناع عن القيام بالمهمة المناطة بهم احتجاجا على المخصصات المالية غير الكافية لمصاريفهم ابان فترة عملهم، والمقدرة بمليون ليرة لبنانية. وبعض المعلومات تشير الى أن جهات سياسية نافذة تشجع هؤلاء على الاعتكاف بهدف فرض أمر واقع يؤدي الى تأجيل الانتخابات.
وسبق ذلك انتشار معلومات مؤكدة عن نية جزء أساسي من الطاقم الديبلوماسي في السفارات اللبنانية بإعلان الإضراب قبل موعد اقتراع المغتربين المسجلين في الخارج في 8 أيار، وذلك اعتراضا على التأخير الذي يحصل في تأمين رواتبهم ومخصصاتهم بالعملات الصعبة، وقال هؤلاء إنه لا قدرة للسفارات على تأمين تكاليف ارسال صناديق الاقتراع بالبريد المضمون الى مصرف لبنان بعد انتهاء التصويت، وهو ما قدرته جهات واسعة الإطلاع بـ190 الف دولار أميركي.
والبلبلة التي تسود بين النشطاء النقابيين في قطاعات التعليم والإدارة تؤكد وجود نية واضحة على اعلان الإضراب قبل موعد الانتخابات ورفع سقف مطالبهم للضغط لتحقيق هذه المطالب، بينما الجهات المعنية في أعلى هرم الدولة ستتخذ موقفا سلبيا من هذه المطالب لدفعهم للاستمرار في الإضراب، وبالتالي عدم المشاركة في تنظيم الانتخابات لكون هؤلاء يتولون إدارة صناديق الاقتراع، وبذلك تكون الجهات النافذة في الدولة قد حققت هدفها بتأجيل الانتخابات بحكم الأمر الواقع بسبب عدم إمكانية المباشرة بالعملية الانتخابية من دون حضور الأساتذة الى مراكز أقلام الاقتراع، كما حصل في ليبيا في 24 ديسمبر 2021.
المعلومات التي تسربت من جلسة مجلس الوزراء التي عقدت الجمعة الماضي في بعبدا، أشارت الى نقاش غريب حصل حول «الميغاسنتر» او مراكز الاقتراع الإلكترونية المركزية، وقد اقترح رئيس الجمهورية تأجيل البت بالموضوع لجلسة مجلس الوزراء القادمة، رغم وضوح تقرير وزير الداخلية بسام مولوي لناحية عدم إمكانية تنفيذ المهمة في الوقت المتبقي قبل الانتخابات، لأن إنشاء مراكز الميغاسنتر يحتاج لخمسة أشهر، كما يتطلب مبالغ مالية تتجاوز 5 ملايين دولار أميركي وهي غير متوافرة بالاعتماد، كما يحتاج اعتماد هذه المراكز لتعديل تشريعي في مجلس النواب. ورغم كل ذلك أصر رئيس الجمهورية ومعه عدد من الوزراء على تأليف لجنة لبحث تفاصيل الملف، ومن المعروف في لبنان أن اللجان «مقبرة المشاريع» وهو ما يعني ربط العملية الانتخابية بموجبات جديدة قد تؤدي لنسف العملية، او تأجيلها.
يشير مصدر على اطلاع واسع بما يجري الى أن نية فريق الحكم وداعميه بتأجيل الانتخابات واضحة جدا، وهذا الفريق كان قد طرح مجموعة من العناوين التي تؤدي الى نسف العملية الانتخابية، ولم يوفق في ذلك، ومنها الطعن بقانون يجيز للمغتربين الاقتراع لكل المرشحين والذي أقره مجلس النواب في تشرين الاول 2021، لكن المجلس الدستوري رد الطعن.
هذه المحاولات جميعها ألقت بظلال قاتمة على العملية الانتخابية، لكن الواضح أنه لا يوجد أي فريق يملك الجرأة بطرح التأجيل الذي يحتاج لتعديل القانون، كما حصل في العام 2014. وكل القوى السياسية – بما في ذلك مجموعات الحراك – مأزومة أمام الاستحقاق، وليس لدى أي منها تأكيدات واضحة بإمكانية تحقيق خرق، او فوز مؤكد. كما أن المجتمع الدولي الذي كان يضغط بقوة لحصول الانتخابات في موعدها، انشغل بملفات ساخنة أخرى، خصوصا الحرب الخطرة التي تجري في أوكرانيا، وبعض السفارات في بيروت التي تدعم الحراك، وصلت الى قناعة باستحالة فوز هؤلاء بمقاعد وازنة، مما أدى الى تراجع هذه السفارات عن الضغط لحصول الانتخابات في موعدها المقرر.