كتب جان الفغالي في وكالة “أخبار اليوم”:
في إحدى دورات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، كان وزير الخارجية الراحل فؤاد بطرس مترئسًا وفد لبنان إلى الأمم المتحدة، وكان هو مَن سيلقي كلمة لبنان، وكانت تُنقَل مباشرة عبر شاشة تلفزيون لبنان.
وبعد انتهائه من إلقاء كلمته، تلقى ثناء رئيس بعثة لبنان وموظفي البعثة في نيويورك والوفد المرافق، وأشادوا بأهمية الكلمة ومضمونها الديبلوماسي الرائع. حبكت نكتة لاذعة مع الوزير بطرس، فسأل المُشِيدين: “هل سمِعوا الكلمة على ساحة ساسين”؟
ما قصده الوزير بطرس، سؤالٌ عما إذا كان أبناء الأشرفيه، سمعوا الكلمة، وما رأيهم بها.
المغزى من هذه الواقعة، الحقيقية، أن الرجل السياسي في لبنان تهمه منطقته أو بلدته أو “دائرته” الإنتخابية، حتى لو تبوأ أعلى المناصب المحلية والعالمية، والأمثلة اللبنانية على ذلك كثيرة، فكل سياسي لديه “نقطة ضعف” على منطقته، وهدفه الأساسي ألا “يضعف” في منطقته.
الأسبوع الفائت أطل رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه مع الزميل مارسيل غانم، صنَّف خصومه بـ “خصم استراتيجي” و”خصم soft” و”حليف لدود”.
كان المقصود أن “الخصم الإستراتيجي” هو الدكتور سمير جعجع، والخصم الـ soft ” هو ” ميشال بيك (معوض) ” كما سمَّاه، و”الحليف اللدود” هو جبران باسيل.
للوهلة الاولى، قد تبدو التوصيفات صحيحة لكن إسقاط الاسماء عليها غير دقيق:
الدكتور سمير جعجع “خصم استراتيجي” للوزير فرنجيه، على مستوى الخيارات التي هي أبعد من زغرتا وحتى ابعد من زغرتا وبشري والبترون والكورة.
لكن “الخصم الإستراتيجي” في زغرتا هو “ميشال بيك”، فهو ليس مجرد “خصم soft” على الإطلاق، وخصوصا أن مواقفه السيادية لا تقل شأنا عن مواقف “القوات”، يضاف إليه معطيات ضيَّقت “فجوة الأحجام” بين فرنجيه ومعوَّض، ولهذا يحاول الوزير فرنجيه تحصين وضعه في قضاء زغرتا من خلال التصويب مباشرة على القوات اللبنانية بغية “شد العصب” الزغرتاوي الى جانبه من خلال استنفار العصب ضد “القوات”، وهو ما لا يتحقق بالتصويب على معوض بل يصيب معوض عبر التصويب على “القوات”، علمًا أن القاصي والداني يعرف ان فرنجيه يحسب أكثر من حساب لمعوض وخصوصا أنه يتهيب أن تنال لائحة تحالف معوض حاصلين تماما كلائحة “المردة”، فيما المعروف ان حجم القوات في زغرتا، قياسًا على حجم معوض، ليس “همًّا” بالنسبة إلى فرنجيه الذي يدرك اساسا حجم “القوات” في الدائرة ككل.
ومن قبيل “شد العصب” طرحُ الوزير فرنجيه توزير زياد مكاري من باب عودة المردة إلى الحكومة، ويرى خبراء في الشأن الزغرتاوي ان توزير مكاري يستهدف جواد بولس المرشح على لائحة معوض.
والمعطى الثاني ان الخيارات متباعدة ، فخيار الوزير فرنجيه هو “الخط” المتمثِّل في التحالف الاستراتيجي مع حزب الله والنظام السوري، وهو من ثوابت الوزير فرنجيه المعروف عنه تمسكه بثوابته، فيما خيار ميشال معوض “الخطاب السيادي الخطاب السياسي” لقوى 14 آذار.
هذا هو المشهد الإنتخابي في زغرتا، تصحيحًا للتوصيفات والإجتهادات، عملًا بالمثل القائل: “إذا كان النص واضحًا ، فلا حاجة إلى الإجتهاد”.