رجحت بعض التقديرات الاستخباراتية في الغرب عندما بدأت روسيا عملياتها العسكرية في أوكرانيا، أن تسقط العاصمة كييف غضون أيام، لكن التوقعات الحالية ترجح أن تستمر المواجهات لعدة أسابيع، وعندئذ، قد تميل الكفة لصالح الجيش الروسي.
ووفق صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فإن الأوكرانيين ركزوا على نقطة ضعف روسيا وهي “قطع إمدادات الوقود” التي أثبتت تأثيرًا كبيرًا في ساحة المعركة، لافتةً إلى أنه “مع توقف المركبات الروسية بسبب نقص الوقود، هاجمتها القوات الأوكرانية، تاركة إياها حطامًا مشتعلًا”، إضافة إلى تكتيكات “الدفاع في العمق”، مما يجعل من الصعب على القوات الروسية أن تناور بسهولة.
كما أشارت إلى قيام المتطوعين الأوكرانيين بنسف الجسور وتكديس الإطارات وإقامة الحواجز في الطرقات، إضافةً لقيام الحكومة بتسليح المواطنين بالبنادق وقنابل المولوتوف وأسلحة أخرى، وهو ما أسهم في الصمود.
وتعليقًا على ذلك، قالت المحللة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية، إيرينا تسوكرمان، إن “استهداف مركبات الإمداد بالوقود وتعطيل شبكات سلسلة التوريد الروسية ليس العامل الوحيد في الأداء السيء لروسيا في أوكرانيا”.
وأضافت تسوكرمان، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، أن “هناك العديد من العوامل الأخرى، من بينها الضعف المفاجئ لسلاح الجو الروسي، وقدرة أوكرانيا على الحفاظ على التفوق الجوي على الرغم من امتلاكها لقوات جوية أقل بكثير، وكونها في حاجة ماسّة لطائرات مقاتلة”.
وأشارت إلى أهمية الرياح واضطرار الروس إلى التحليق على ارتفاع منخفض إلى الأرض، إلى جانب قلة ساعات تدريب الطيارين.
وأوضحت أن “هناك مشكلة أخرى وهي أن الطيارين الروس لم يكونوا مستعدين لمعايير التحدي الذي سيواجهونه؛ حيث كلفت صواريخ Stingers وJavelins الروس أيضًا تكلفة باهظة. بصرف النظر عن العامل الجوي.
وتابعت “كانت هناك مشكلة كبيرة تتعلق بالمركبات المتوقفة التي نفد وقودها ببساطة، ولم تكن قادرة على الوصول إلى المناطق المستهدفة، حتى في حالة عدم مهاجمتها، وتطلبت بالفعل مساعدة إضافية من المركبات الأخرى”.
وتابعت “هناك أيضا ضعف التنسيق والافتقار إلى التكتيكات والتخطيط اللوجستي؛ لأن روسيا لم تكن مستعدة لمستوى المقاومة التي واجهتها؛ وعلى النقيض، كان الأوكرانيون مستعدين لاستراتيجية تطويق روسيا، ولم يشكوا جبهة موحدة يسهُل اختراقها.
واستطردت أنه تم تضليل العديد من الجنود الروس حول أهداف وجودهم، “في حين لم يكونوا مستعدين؛ كما أُحبطت معنويات الكثير منهم، واستسلم البعض بشكل جماعي أو هربوا، وما يزال آخرون يفتقرون إلى الإمدادات الأساسية مثل الطعام”.
ولفتت إلى أن “روسيا فقدت الدعم السياسي بين الأحزاب السياسية والمدنيين الموالين، فرغم تعاطفهم مع الثقافة الروسية، لم يرغبوا في أن يتم غزوهم والاستيلاء على بلادهم بالقوة، خاصة بعد ضم القرم، إضافةً إلى تمتع الوحدات الأوكرانية أيضًا بخبرة كبيرة على مدار السنوات الثماني الماضية في محاربة الانفصاليين”.
ومضت قائلةً “علاوة على ذلك، عاد الآلاف من الأوكرانيين إلى ديارهم؛ للقتال، كما جاء العديد من المتطوعين الدوليين أيضًا، في حين أن الروس لم يُحضروا ما يكفي من القوات لعمليات ممتدة في بلد شاسع، ناهيك عن احتلاله. كما أخطأت روسيا في حساب عدد الصواريخ المطلوب تصنيعها وأنواع أخرى من المعدات والتي ستستغرق الآن وقتًا لتصنيعها وتسليمها. كما كان هناك سوء تقدير في الاستخبارات والاستخبارات المضادة من جانب روسيا”.
وحول مدى إمكانية سقوط كييف، قالت إن “الأمر لن يتم سريعًا، وهناك توقعات بأن تستغرق المواجهة ما لا يقل عن 4 أو 6 أسابيع، وخلال هذه الفترة يمكن أن تحدث أشياء كثيرة من شأنها أن تغير مسارات الحرب، مثل تأثير العقوبات والمساعدات الإضافية لأوكرانيا، وما إذا كانت روسيا تستطيع إعادة إمداد القوات والمعدات الإضافية، والظروف الجوية، وقدرة كل جانب على إعادة تجميع صفوفه في ضوء الظروف المتغيرة، ومدى وتأثير ونجاح الحرب المختلطة، سواء بدأت روسيا في ممارسة الضغط على دول الناتو أم لا، من خلال هجمات إلكترونية أكثر اتساعًا”.
وأشارت إلى “تأثير الملاحة البحرية مع إغلاق تركيا مضيق البوسفور، وبالتالي خلق معضلة كبيرة للسفن الحربية الروسية، والتي ستزداد سوءًا بمرور الوقت، مما يجبر روسيا على مواجهة صعوبات متزامنة في سوريا، ومن المحتمل أن تكون كييف آخر منطقة يتم الاستيلاء عليها؛ نظرًا لوجود الحكومة هناك وجميع الدفاعات مستعدة للوقوف على الأرض؛ للتأكد من عدم سقوطها، ومع ذلك، وبسبب التفوق العسكري الروسي، ما زالت المخابرات الغربية تتوقع أن تسيطر روسيا على البلاد بالكامل في نهاية المطاف”.
في غضون ذلك، يجري استبعاد”الحل الدبلوماسي لأنه غير وارد، كما أن أوكرانيا لا تميل إلى التضحية بأي أرض أخرى، ولن تثق في بوتين للالتزام بأي التزامات لتقليل مشاركته، حيث لا يوجد أي فاعل يمكن أن يكون ضامناً فعالاً، فيما لا يستطيع بوتين تحمل العودة إلى الوراء دون بعض الانتصارات التي تحفظ ماء الوجه”.
واعتبرت أن “الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا في الوقت الحالي غير كافٍ على الإطلاق”، لافتة إلى أنه “من دون منطقة حظر طيران فإن الكفة تميل لصالح روسيا مع ضرورة توفير الطائرات المقاتلة والدروع الدفاعية مثل باتريوت، حيث تهدف الأسلحة الدفاعية إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين”.