كتب كميل بو روفايل في “النهار”:
جملة من الأسباب دفعت موظفي “أوجيرو” إلى أعلان الإضراب العام والمفتوح بدءاً من اليوم، منها عدم حصولهم على المساعدات الاجتماعية التي أُقرّت للقطاع العام، بالإضافة إلى بدلات النقل، في الوقت الذي شكا المجلس التنفيذي لنقابة “أوجيرو” من تخفيض وزارة المال لاعتمادات الرواتب والأجور عن الأعوام السابقة “بدلاً من زيادتها بسبب غلاء المعيشة”، وكذلك بسبب عدم تأمين الاعتمادات اللازمة والضرورية لتسيير المرفق العام: من تكلفة محروقات، وصيانة معدّات، وغير ذلك.
كلّ ذلك دفع المجلس التنفيذي للنقابة إلى إعلان الإضراب، الذي بدأ اليوم، ولن يحضر الموظفون إلى مراكز العمل، وستتوقّف كلّ أعمال الهيئة وخدماتها وكلّ أعمال الصيانة من دون استثناء لأيّ قطاع على الأراضي اللبنانية كافة حتى إشعار آخر، على أن تُبقي النقابة جلساتها مفتوحة لمتابعة المستجدّات، وفق ما جاء في بيانها.
إضراب الموظفين، وامتناعهم عن القيام بمهامهم يُهدّد شبكة الاتصالات والإنترنت بالانقطاع، إذ لا يكفي القطاع ما يمرّ به حتى أتت ضربة جديدة تُهدّد بإيقاف خدمات مرفق الاتصالات.
وعلى صعيد مطالب الموظفين، اعتبر وزير الاتصالات جوني القرم في اتصال مع “النهار” أنّها “مطالب محقّة”، لافتاً إلى أنّه سيجتمع اليوم بالنقابة، ليبلغهم بأنّه بحث مع وزير المال يوسف خليل مطالبهم، “وغداً سأجتمع مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كي نجد حلاً لأزمة الاتصالات”، وفق تصريح القرم.
أمّا بالنسبة إلى أزمة “أوجيرو” في ما يتعلّق بعدم قدرتها على إجراء الصيانة، فأوضح القرم لـ”النهار” بأنّه “تواصل مع خليل بخصوص هذا الأمر”، وأنّ “أوجيرو ستُعطى اعتماداتها ضمن إطار القاعدة الإثني عشرية لأنّ الموازنة لم تصدر بعد”، مشيراً إلى أنّ “المشكلة التي حصلت مع وزارة المال عن طريق الخطأ، والمتعلّقة بالـ350 مليار ليرة، التي احتسبت كسلفة إضافية للاتصالات السنة الماضية، لم تُحتسب السنة ضمن المبلغ الإجماليّ، الذي قُسّم على 12 شهراً، بناءً على القاعدة الإثني عشرية؛ لذلك تبيّن أنّ المبلغ الذي لدينا الحقّ بصرفه أقلّ من المبلغ المطلوب، لذلك تواصلت مع خليل ونعالج الموضوع”.
لكن أزمة الإضراب داهمة، وتوقُّف الموظفين عن القيام بواجباتهم قد يهدّد الشبكة ويؤثر على بيئة الأعمال في لبنان، لذلك شدّد المدير العام لهيئة “أوجيرو” عماد كريدية لـ”النهار” على أنّه لن يدع الأعمال الأساسيّة في الهيئة تتوقّف، وسيتواصل اليوم مع النقابة كي تقوم بتسيير المرفق العام “على أكمل وجه، وسنتفادى المشكلات الكبيرة”.
لكن حجم الامتعاض لدى الموظفين في هيئة “أوجيرو” بات كبيراً جدّاً، خاصّة بعد سنتين من العمل في ظروف اقتصادية صعبة جدّاً، يتشاركون صعوبتها مع اللبنانيين عامةً. ووفق كريدية، “(أوجيرو) من المؤسّسات الوحيدة في القطاع العام التي تدوام يوميّاً، وتُلبّي طلبات الناس”، ويُضيف: “مطالب العاملين محقّة، وأتفهّمها بالتأكيد، كمواطن وكمدير مسؤول، لكن لن تصل إلى حدّ جعل الناس يتأثرون من الإضراب، هذا ما سأسعى للقيام به”.
وشرح كريدية لـ”النهار” بأن “مسألة المازوت باتت ضاغطة جدّاً، فسعر طنّ المازوت ارتفع من 650 دولاراً إلى 1100 دولار أمس، وهذا يضغط علينا كثيراً”، فضلاً عن تضرّر شبكة الاتصالات كثيراً، فـ”أوجيرو” لا تملك الإمكانات لشراء قطع غيار كي تقوم بأعمالها. لذلك، يؤكّد كريدية أنّ “الهيئة تتمكّن حالياً من تأمين المازوت، لكن إذا بقيت الظروف كذلك، فسنمضي وقتنا في شراء المازوت من دون القيام بأعمال الصيانة وتطوير الشبكة”. وهذا الأمر يضع الشبكة تحت الخطر من دون أيّ خطة بديلة لتطويرها، وتمديد أجلها”.
ومن هذا المنطلق، اعتبر كريدية أنّ “تضرر الشبكة لن ينتج من إضراب الموظفين، لكن بسبب عدم توافر الإمكانيات للهيئة لتقوم بأعمالها كما يجب”، في وقتٍ ضمّن العاملون في “أوجيرو” مطالب النقابة طلب إتاحة الإمكانيّات كي يقوم الموظّفون بعملهم، “وهذا العنصر هو الأكثر خطورة في الموضوع”، على حدّ قول كريدية.
وأوضح المدير العام بأن كلّ مداخيل “أوجيرو” تُصرف اليوم لتوفير الطاقة، فيما لا يدخل إنتاج الكهرباء ضمن نطاق عمل “أوجيرو” في الأصل؛ وبدلاً من التركيز على إصلاح الشبكة وتطويرها وتلبية حاجات الناس، باتت الهيئة تبحث عن المازوت لتنتج الكهرباء ليستمرّ عمل شبكة الاتصالات.
وضمن هذا الإطار، طمأن كريدية إلى أنّ “المازوت لزوم المولّدات الكهربائيّة لن ينقطع، فالمنشآت تسلّمنا المادّة، ولا مشكلة في توفيرها، لكن العلّة هي في القدرة على شرائه، وهذا الأمر يجب أن نتفاداه قدر الممكن لعدم إيذاء الناس”.
وختم كريدية حديثه بالقول إنّ “المساعدات الاجتماعية وبدل النقل أقرّوا للقطاع العام، وفجأة اكتشفنا أنّه لا توجد أموال لإعطاء التقديمات لموظفي “أوجيرو” أسوة بموظّفي القطاع العام، ويجب أن يُعالج هذا الأمر على الفور”.