كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:
بعيداً عن الخندقة في المعسكرات الثقافية والسياسية، يشكّل (أو كان يشكّل) معرض بيروت الدولي للكتاب، كما الأنشطة والندوات والتواقيع المصاحبة له، مساحة تلاقٍ وتفاعل، في زمن الإنقسامات الأفقية والعمودية، وفي زمن السلم، وعلى الدوام.
كانت دور النشر تتجاور، وتكرم زوّارها في حفلات التواقيع. دار تقدم الشوكولا على طبق من بلّور ودار تسكب النبيذ، وتعترض على عدم وجود أي صنف من المشروبات الكحولية في الكافيتريا. هي دار “الجديد” بالتحديد التي اعترضت ذات يوم ببيان وزّعه لقمان على المعنيين بحرية القول والشرب وفقاً لروح الدستور، كتابنا جميعنا.
تسبّب معرض الكتاب العربي بولادة معارض أخرى، كمعرض الكتاب الفرانكوفوني، ومعرض دور النشر، والمعرض اللبناني للكتاب، ولكل معرض الرئيس الراعي، وما كان يوماً سبباً في إحداث شرخ إضافي في الوحدة الوطنية الصافية والكاملة الدسم.
لكنّ إظهار “دار المودة” مودّة زائدة لقائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني استفزّ كثيرين من الزوّار، فالرجل ليس خليفة بابلو نيرودا للإحتفاء به قامة ثقافية عابرة للزمن، ولا تاريخه النضالي متّصل بنضال جد جدّنا عبد القادر الجزائري، ولا أوجه شبه بين سليماني والمرحوم طانيوس شاهين أو ميلان كونديرا، ولا يدهش حتى مريدي دكتور داهش ولم تكن أفكاره يوماً موضوع دراسات عليا لا في جامعة السوربون ولا في كلية سان سير.
من رفع صور القائد الإيراني الملتحي والملتف بعلم فلسطين في معرض الكتاب العربي وعرضها للبيع أخطأ في اعتبار المعرض منصة لتسويق الصور والإيديولوجيات بطريقة نافرة وأخطأ أكثر في توقّع ردود الأفعال. ويستطيع النادي الثقافي العربي أن يدوّن في سجلاته أنها المرة الأولى في خلال 63 دورة، تشهد أروقة المعرض عراكاً على خلفية رفع صورة، تابعناه تلفزيونياً وفايسبوكياً. كما أنها المرة الأولى التي يستقبل فيها المعرض 10 دور إيرانية مقابل 4 دور عربية من سورية ومصر. وللزائر أن يكتشف بنفسه هذا التحوّل غير المرتبط حصراً بتبدل موعد المعرض وعدم تمكّن الدور العربية من المشاركة.
لم يفكّر القيّمون على المعرض، برفع صورة لواحد من أبرز وجوه الثقافة في الأعوام الثلاثين الماضية والرائد في عالم النشر الهادف. صورة لقمان سليم تشبه بيروت ومعرض بيروت أكثر وفي أي حال أبهى من صور قادة الفيالق!