سياسياً، لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات النيابية، ويفترض ان يكون هذا الاسبوع حاسماً لناحية تحديد الصورة النهائية لما سترسو عليه الترشيحات الرسمية لهذا الاستحقاق، في نهاية الاسبوع الأخير من مهلة تقديم الترشيحات التي تنتهي في 15 آذار الجاري (حتى الآن ما زل العدد 117 مرشحاً)، وكذلك لناحية تحديد مصير «الميغاسنتر»، حيث سيبتّ مجلس الوزراء في إمكان اعتمادها في الانتخابات المقرّرة في 15 ايار، او عدمه، في الجلسة التي سيعقدها في القصر الجمهوري في بعبدا الخميس المقبل.
وفيما تشهد الدوائر المعنية في وزارة الداخلية إقبالاً ملحوظاً من المرشحين، يُنتظر ان تحسم وجهة ملف «الميغاسنتر»، في السرايا الحكومية، خلال اجتماع اللجنة الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء في جلسته السابقة لدراسة إمكان اعتماد «الميغاسنتر»، وكذلك درس مضمون تقرير وزير الداخليّة بسام مولوي، الذي لم يكن مرضياً لرئيس الجمهورية وفق ما بدا في جلسة مجلس الوزراء يوم الجمعة الماضي، ولاسيما لناحية المعوقات التي تضمنها، وتحول دون اعتماد «الميغاسنتر».
وبحسب مصادر قريبة من القصر الجمهوري، فإنّ تقرير وزير الداخليّة مبالغ فيه، في وقت انّ خبراء معنيين بهذا المجال يخالفونه ما ذهب اليه مضمونه في تحديد مجموعة كبيرة من الأسباب التي تمنع استحداث «الميغاسنتر». وقالت لـ«الجمهورية»، انّ «رئيس الجمهورية يعتبر أنّ اعتماد «الميغاسنتر» ممكن جداً، خلافاً لكل ما يُقال عن معوقات سواء أكانت جديّة، او غير ذلك».
واكّدت المصادر «انّ الرئيس عون مصرّ على اعتماد «الميغاسنتر»، باعتبارها اجراء شديد الأهمية، بحيث أنّه من جهة، يخدم العمليّة الديموقراطيّة، ويساهم بشكل أكيد في رفع نسب مشاركة المواطنين اللبنانيين في عمليات الاقتراع في مختلف الدوائر الانتخابية. ومن جهة ثانية، يوفّر على المواطنين أكلافاً مالية كبيرة جراء اضطرارهم الى الإنتقال الى قراهم بعيداً من أماكن سكنهم، وخصوصاً في ظلّ الأزمة الخانقة والارتفاع الكبير في اسعار المحروقات».
على انّ الأجواء التي سبقت انعقاد اجتماع اللجنة الوزارية، أفادت بأنّ التوجّه الغالب لدى معظم أعضائها، هو نحو عدم اعتماد «الميغاسنتر» في دورة الانتخاب المقبلة، وذلك ربطاً بما تضمّنه تقرير وزير الداخلية الذي نصّ على وجود معوقات تقنية ولوجستية تحول دون اعتماد «الميغاسنتر» في انتخابات ايار، ولعلّ اهمها عدم قدرة الدولة على تلبية كل المتطلبات اللوجستية والتقنية لهذا الامر، إضافة الى عامل الوقت الذي يشكّل مانعاً اساسياً، حيث انّ إقامة «الميغاسنتر» وفق ما ورد في التقرير، تحتاج لإنجازها بالحدّ الادنى فترة اربعة اشهر ونصف، فيما الانتخابات النيابية صارت على بعد 69 يوماً اي حوالى الشهرين، يُضاف الى ذلك، وجوب إجراء تعديلات على قانون الانتخابات الذي لم يأتِ على ذكر «الميغاسنتر» من قريب او بعيد، فضلاً عن انّه نصّ على إجراء الانتخابات في مكان القيد، وليس عبر «الميغاسنتر». على انّ العامل الأساس الذي يحول دون إقامتها هو الكلفة المالية التي تتطلبها والتي تقارب الـ6 ملايين دولار، والتي لا تستطيع الخزينة اللبنانية في وضعها الراهن ان تتحمّلها.
وبمعزل عمّن هو مع إقامة «الميغاسنتر» ومن هو ضدّها لأسباب سياسية او تقنية، وعمّا إذا كانت ستؤثر على العملية الانتخابية لناحية زيادة نسبة الاقتراع، فإنّ الخلاصات التي انتهت اليها دراسات بعض المعنيين بالشأن الاحصائي والانتخابي تلحظ مسألتين:
الاولى، انّ ارتفاع اسعار المحروقات، حيث تجاوز سعر صفيحة البنزين الاربعماية الف ليرة، ومن الآن وحتى انتخابات 15 ايار، قد يرتفع هذا السعر بمعدلات أعلى مما هو عليه الآن بكثير، ما قد يدفع الشريحة الكبرى من الناخبين الى الإحجام عن التوجّه الى قراهم وبلداتهم للمشاركة في عمليات الاقتراع. ومن شأن هذا الامر ان يخفّض نسبة الاقتراع الى حدود كبيرة.
الثانية، انّ استحداث «الميغاسنتر» يوفّر حتماً على المواطن اللبناني كلفة الانتقال إلى مكان قيده لممارسة حقه في الانتخاب. ومن شأنه نظرياً أن يرفع نسب المشاركة للفئات التي تحجم عن الاقتراع عادة، لعدم تكبّد أعباء ومشقة الانتقال إلى مراكز الاقتراع في قراها وبلداتها. الّا انّ ما ينبغي لحظه في هذا الاستحقاق، انّ نسبة كبيرة جداً من المواطنين حسمت خياراتها مسبقاً، وقرّرت عدم المشاركة بوجود «ميغاسنتر» او عدمه، ربطاً بالأزمة وأسبابها، وانطلاقاً من السخط العارم على السياسيين. إضافة الى انعدام الثقة بوجوه جديدة تُحدث التغيير المطلوب، بل انّ الشريحة الأكبر من المرشّحين عائدة للطبقة السياسية ذاتها المشكو منها. ويُضاف الى ذلك، عدم وجود برامج انتخابية جدّية جاذبة للناخبين.
وكان موضوع «الميغاسنتر» مدار بحث بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية، الذي قال بعد اللقاء: «إجتمعت مع دولة رئيس الحكومة للبحث في موضوع «الميغاسنتر»، وقد أكّد دولة الرئيس وأنا تأييدنا إنشاء «الميغاسنتر» كخطوة إصلاحية ضرورية للمواطنين والانتخابات، إنما هناك ثلاث عقبات قانونية ولوجستية ومالية. طلب دولة الرئيس ان تتشكّل ضمن اللجنة الوزارية. حيث ستجتمع ثلاث لجان فرعية، هي اللجنة القانونية لدراسة الأمور القانونية وإيجاد الحلول لها، وفي حال إستقرّ رأي اللجنة على وجوب تعديل قانوني، إعداد مشروع القانون فوراً ورفعه الى مجلس الوزراء لأخذ الموقف القانوني والدستوري منه، ثم إحالته الى مجلس النواب. وبالتوازي تجتمع اللجنة اللوجستية لإيجاد الحلول اللوجستية ولبيان مدى إمكان تنفيذ «الميغاسنتر» في الوقت المتبقي. كما انّ وزير المال موجود لبيان مدى إمكانية تلبية الحاجات المالية لإنشاء «الميغاسنتر» في هذا الوقت الضيّق. وشدّد دولة الرئيس، كما شدّدت أنا على عدم تأجيل الانتخابات ولو دقيقة واحدة. نحن نؤّكد انّ «الميغاسنتر» خطوة إصلاحية، لكن الأهم هو عدم تأجيل الانتخابات. يجب إيجاد الحلول القانونية ورفعها الى مجلس النواب عند الاقتضاء بالسرعة الممكنة، وفي الوقت نفسه العمل على البحث في مدى إمكانية التنفيذ اللوجستي وايجاد التمويل المناسب».