كتبت راكيل عتيِّق في “الجمهورية”:
شكّل إعلان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة والنائب السابق مصطفى علوش المستقيل من تيار «المستقبل» وبعض الشخصيات «المستقبلية» احتمال الترشّح للانتخابات النيابية المقبلة، والدعوة الى المشاركة في الانتخابات و»عدم إخلاء الساحة لـ»حزب الله» والطارئين»، تطوُّراً سياسياً وانتخابياً مهماً، بعد قرار رئيس «المستقبل» سعد الحريري عدم خوضه وتياره الانتخابات. وإذا قررت هذه الشخصيات خوض الانتخابات، وإذا تحالفت وتعاونت مع قوى أخرى ومنها حزب «القوات اللبنانية»، سيقلب هذا القرار المعادلات التي كانت مطروحة، إن لجهة خروج السنّة من المعركة الانتخابية السيادية بوجه «حزب الله» وإن لجهة «خَربطة» قرار الحريري وتصوّره.
تتواصَل الاتصالات سنّياً لحسم القرار انتخابياً، ويجري حديث أيضاً عن إمكانية تحالف أو تعاون بين هذه الشخصيات السنية و«القوات» لـ«منع «حزب الله» من استغلال الفراغ سنياً». في المقابل، يؤكد «حزب الله» أنّه لا يسعى الى «السيطرة على الساحة السنية». ويذكر أنّ «من يركّزون على هذه الدعاية ضده قبل الانتخابات، كانوا حلفاءه في انتخابات 2006 في ما يُسمّى بـ«التحالف الرباعي»، وفي انتخابات 2009 كانوا يريدون قضية يخوضون الانتخابات على أساسها فكانت سلاح المقاومة، فيما أنّهم يعلمون أنّ سلاح المقاومة والاستراتيجية الدفاعية لا علاقة لهما بالانتخابات، وليس هذا المكان الذي يناقش فيه سلاح المقاومة». ويرى «أنّهم يبحثون عن قضية الآن، وهي أنّهم لا يريدون إخلاء الساحة أمام «حزب الله»، لكن من يمنعهم؟ ليترشحوا وينجحوا ويفرحوا ويحققوا الذي يريدونه ولا يخلوا الساحة».
ويؤكد «الحزب» أنّه «لا يتدخل في الساحة السنية بل يدعم حلفاءه الذين لديهم وجود طبيعي في هذه الساحة»، ويسأل: «هل يُمكنهم نكران أنّ فيصل كرامي وجهاد الصمد و»المشاريع» وعبد الرحيم مراد وأسامة سعد وعبد الرحمن البزري لهم وجود حقيقي في الساحة السنية، وهؤلاء أساساً في انتخابات 2018 وفي ظلّ وجود «المستقبل» والحريري أتوا بـ9 نواب من أصل 27 نائباً سنياً من خارج تيار «المستقبل»؟». وإذ يرى «الحزب» أنّ «الساحة السنية لم تكن حكراً على «المستقبل»، يؤكد أنّه «سيدعم بما يستطيع حلفاءه الذين لديهم أساساً وجوداً في الساحة السنية»، مشيراً الى أنّ «حلفاءه هؤلاء موجودون بلا دعمه انتخابياً في أكثر من دائرة لا وجود له فيها». ويقول: «إذا كان هناك من يريد أن يُخلي الساحة أم لا، فهذا شأنه، لكن ليس أن يبحث عن قضية لشد العصب السني للذهاب الى الانتخابات». ويسأل: «هل نحن مَن منعنا الحريري من خوض الانتخابات وربحها أم السعودية؟ ما علاقتنا بهذا الموضوع؟». ويعتبر أنّ «هؤلاء يبحثون عن شعار انتخابي وهو يفهم ذلك».
سنّياً، يتواصل السنيورة مع بعض الشخصيات لبلورة خطوة ما. كذلك لم يحسم النائب الأسبق لرئيس تيار «المستقبل موضوع ترشّحه للانتخابات. وإذ يؤكد علوش أنّ كلّ الاحتمالات واردة، يوضح أنّ الأسباب الحقيقية لاستقالته من «المستقبل» لا علاقة لها بترشّحه للانتخابات، بل مرتبطة بنهج معيّن يرفضه على المستويين الشخصي والعام. أمّا السبب الرئيس الذي أدّى الى تقديم علوش استقالته، فهو التهجّم عليه من الحلقة الضيقة للحريري، فاعتبر أنّ هذا الهجوم بمثابة دفعه الى تقديم استقالته، لذلك واحتراماً للحريري ولعدم إحراجه قدّم استقالته.
وكان التواصل بين السنيورة وعلوش قد بدأ قبل استقالة الأخير من «المستقبل» وذلك لعدم إخلاء الساحة، لكن حتى الآن لم يتبلور بعد الى أين سيصل عمل السنيورة وبعض الشخصيات السنية وإذا كان سينجح. فهذا الأمر لا يزال غير أكيد، بحسب علوش. أمّا إذا قرّر الترشح للانتخابات، فمن أبرز شروط علوش لخوض المعركة، أن يكون ضمن مجموعة من الأشخاص القادرين على إعطاء صورة جديدة للحياة السياسية، ولا يكون أحد منهم ملوّث بالفساد وأن يكونوا سياديين.
ويؤكد علوش «أنّنا لا نحاول توحيد الصوت السني، بل نقول للسنة ألّا يستقيلوا من الانتخابات، فالفارق بيننا وبين «حزب الله» أن ليس لدينا أي تكليف شرعي، بل ندعو الناس الى أن يستخيروا ضمائرهم، وأن يشاركوا في الانتخابات وألا يتركوا الساحة فارغة للذين ينتظرون أن ينخفض الحاصل الانتخابي لكي يسيطروا على النواب». ويشدّد علوش على أنّ استقالته «ليست حركة انقلابية ولا محاولة لكسر الحريري بل العكس تماماً، لأنّ الغياب يكسر الحريري أكثر». وفي حين «لا قرش تمويل» لخوض المعركة الانتخابية، بحسب علوش، يقول: «إذا ترشحنا يُمكن أن نتوجه الى الناس ونقول هذا وضعنا ومن يحبّ أن ينتخبنا «بَلا ولا شي».
أمّا بالنسبة الى التحالف أو التعاون الانتخابي مع «القوات»، فيوضح علوش أنّه على مستوى لبنان ومع السنيورة مباشرةً. من جهة «القوات»، تشير مصادرها الى «أنّنا ندرس الوضع، خطوة خطوة، أمّا الاعتبار الأساس في الساحة السنية فهو عدم السماح لـ«حزب الله» باختراقها، لأنّ مشروع «حزب الله» يشكّل خطراً على لبنان وإمكانية اختراقه لهذه الساحة يعني أنّه يريد أن يعوّض تراجع «التيار الوطني الحر» وأن يحتفظ بالأكثرية النيابية من الباب السني هذه المرة وليس المسيحي، كذلك يريد إظهار أنّ السنة خارج إطار المواجهة السيادية بينما هم منذ عام 2005 رأس حربة هذا المشروع السياسي تحن عنوان لبنان والدولة أولاً».
وفي حين ليس هناك مِن تطوُّر عملي على الصعيد الانتخابي، ترى «القوات» أنّ «هناك تطوراً وطنياً سياسياً، لجهة أنّ هذه البيئة السنية حدّدت مع السنيورة ومفتي الجمهورية وعلوش خياراتها الوطنية وأولوياتها، وبالتالي نتفق مع هذا التحديد ومع تشخيصها لطبيعة الأزمة وأنّ مصدرها «حزب الله» الذي يخطف الدولة، وعلى قراءة مشتركة لطريقة مواجهة هذا الواقع من خلال مزيد من التصويت والاقتراع. كذلك نتفق معها على ضرورة أن تشكّل هذه الانتخابات المفصلية محطة للتغيير».
وبالنسبة الى «القوات»، «لا يزال من المبكر الحديث عن تحالف وتعاون، ويجب انتظار تطوُّر الأمور والصورة كلّما اقتربنا من الانتخابات، أمّا المهم فهو أنّ هناك فريقين سياسيين لديهما النظرة نفسها لواقع الحال ولطريقة مواجهة هذا الواقع».