جاء في “الجمهورية”:
كما بات واضحاً، فقد شكّل طرح “الميغاسنتر” في هذا الوقت، عامل انقسام داخلي آخذاً في التفاعل، وتجلّى ذلك بداية في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، بعدما تبيّن انّ إقامة “الميغاسنتر” اصطدم بضيق الوقت، وبمانع تقني ولوجستي، وفق ما ورد في تقرير وزير الداخلية بسام مولوي، لجهة وجود استحالة لتلبية المتطلبات التقنية واللوجستية لتحقيق هذا الامر في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات، فيما هو يحتاج الى أكثر من 4 أشهر، فضلاً عن الحاجة الى تعديل للقانون الانتخابي الحالي. ويُضاف الى ذلك، الكلفة المالية التي تقارب الـ 6 ملايين دولار، في وقت تعاني الخزينة أسوأ لحظات افلاسها.
وبناءً على الأجواء السياسية التي شحنها هذا الطرح، فإنّ جلسة مجلس الوزراء المقرّرة اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا، تبدو ملفوحة بالتشنج سلفاً، وخصوصاً انّ طرح رئيس الجمهورية لم يسرْ على النّحو الذي يريده رئيس الجمهوريّة، بوضعه حيّز التّنفيذ دون التذرّع بأيّة أسباب تعيقه وتمنع من تحقيقه. وغيوم التشنّج في جلسة مجلس الوزراء اليوم، راكمتها الأجواء التي سادت في الساعات الاخيرة، وظهرت فيها لجنة وزارية مع طرح الرئيس، ولجنة وزارية تلك التي تشكّلت في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، منقسمة على نفسها ولم تتوصل الى أي نتيجة تخدم إجراء “الميغاسنتر”، حيث أنّ الرأي الغالب فيها مقتنع بتقرير وزير الداخلية. وهو ما تجلّى في اجتماع اللجنة الوزارية التي انقسم فيها الرأي بين فريق يصرّ على انّ الإمكانية متاحة لإقامة “الميغاسنتر” في فترة زمنية قياسية لا تزيد عن شهر الى شهر ونصف، شرط توفّر الإرادة لإقامتها، وفريق لا يعارضها من حيث المبدأ، انما هو يأخذ بتقرير وزير الداخلية، الذي يتمسك بمضمونه، باعتباره يعكس حقيقة ما يمنع تحقيق هذه الخطوة الإصلاحية الضرورية للمواطنين وللانتخابات في آن معاً، حيث انّ ثمة ثلاث عقبات تعترضه: قانونية ولوجستية ومالية.
وعلى الرغم من التناقض بين أعضاء اللجنة حول إمكان تجاوز ما سُمّيت بالمعوقات التقنية واللوجستية ضمن المهلة الفاصلة عن موعد الانتخابات، يعكس بعض أعضاء اللجنة الوزارية، انّ جلسة اليوم قد تفضي إلى مخرج بإحالة الامر إلى مجلس النواب، من خلال مشروع قانون يرمي إلى تعديل قانون الانتخابات، عبر النص صراحة على “الميغاسنتر” وإمكان اقتراع الناخبين خارج أمكنة قيدهم.
الّا انّ هذا الأمر، كما تقول مصادر وزارية لـ”الجمهورية”، “ليس نهائياً حتى الآن، ذلك انّ المتحمسين لـ”الميغاسنتر” يعتبرون انّ إقامتها لا تستوجب تعديلاً للقانون، وهو ما يخالفهم به معظم الوزراء، وعلى وجه التحديد وزير الداخلية، الذي اكّد صراحة انّه لا يمكن السّير بـ”الميغاسنتر” إلّا بتعديل القانون الإنتخابي”.
من هنا، تؤكّد المصادر عينها، أنّ اجواء جلسة اليوم ملبّدة، وكلّ الاحتمالات واردة. فالنية بإرسال مشروع قانون الى مجلس الوزراء موجودة، وهو ما سيتوضّح في مجلس الوزراء، الذي قد يلجأ إلى حسم الأمر بالتصويت، والتصويت في هذا الامر يحتاج إلى ثلثي أعضاء الحكومة، فهل هذه الأكثرية موجودة؟ الجواب بالتأكيد لا يمكن حسمه قبل انعقاد مجلس الوزراء.
إلى ذلك، وطالما انّ كل الاحتمالات واردة في ما خصّ موضوع “الميغاسنتر”، فإنّ وصول مشروع قانون متعلق بها إلى مجلس النواب ممكن. الّا انّ السؤال: هل يكون طريقها متيسراً، ويمكن إقرار المشروع، وبالتالي تطبيقها ضمن الفترة السابقة لموعد الانتخابات؟
مصادر مجلسية اكّدت لـ”الجمهورية”، انّها لا تعلّق على هذا الموضوع طالما المجلس ليس معنياً بهذا الامر حتى الآن.
الاّ انّ المصادر سألت عن العامل الزمني، هل هو كافٍ؟ وقالت: “لنفترض انّ الامور سارت بشكل انسيابي من دون أي مطبات أو عراقيل، وتقرّر إحالة مشروع قانون متعلق بـ”الميغاسنتر” إلى مجلس النواب، فلنذهب إلى المدى الأبعد في التفاؤل، فالباقي من عمر الولاية المجلسية الحالية 63 يوماً، ننقص منها يوماً لانعقاد مجلس الوزراء وإقرار المشروع وإحالته إلى مجلس النواب. وننقص يوماً مع تسلّم المجلس المشروع، وإحالته من قِبل رئيس المجلس النيابي إلى اللجان النيابية المختصة. وننقص يوماً لطباعة مشروع القانون وتوزيعه على أعضاء اللجان. وننقص يوماً لانعقاد جلسة اللجان لدرس المشروع واقراره في جلسة واحدة. وننقص يوماً لتحديد رئيس المجلس جلسة تشريعية لإقرار المشروع. وننقص يوماً مع إحالة رئيس المجلس المشروع إلى الحكومة لنشره في الجريدة الرسمية”.
ومع نفاذ المشروع، تضيف المصادر، “ننتقل إلى مرحلة التنفيذ، وهذا يستدعي أولاً تحديد الشركة التي ستنفّذ هذا الامر، من خلال استدراج عروض (مناقصة)، هنا ننقص يوماً. ثم ننقص يوماً مع تقديم الشركات طلباتها وعروضها، ويوماً لفضّ العروض. وبعد ان يرسو الخيار على شركة معينة، لنفرض انّ ذلك يستغرق يوماً أو يومين لتجهيز الشركة نفسها لبدء العمل، ما يعني انّ مجموع الأيام المهدورة 10 أيام، يبقى 53 يوماً، ويفترض بالشركة ان تنجز عملها بالكامل قبل أسبوع من يوم الانتخاب، فيصبح الباقي 46 يوماً. فهل يمكن إتمام هذه المسألة التقنية المعقّدة بشهر ونصف، في وقت يؤكّد وزير الداخلية في تقريره انّ إنجاز هذا الامر يتطلب أكثر من اربعة اشهر؟”.