كتبت ليلي جرجس في “النهار”:
لم يكن المريض الذي كان يحمل في يده علبة الدواء متوجّهاً إلى المسشفى يعرف أنّه تمّ خداعه بدواء مزوّر. اختلاف رقم الطبخة المطبوعة على العلبة مختلفة عن رقم الطبخة المطبوعة على العبوة دفع بصيدلية المستشفى بالشكّ حول صحّة هذا الدواء ليتبيّن لاحقاً أنّه مزوّر. هذه الحادثة التي وقعت منذ شهرين تقريباً في لبنان تكشف مدى خطورة الوضع الذي وصلنا إليه نتيجة الشحّ في الأدوية واستغلال حاجة المريض إلى دوائه من دون ضمير أو إنسانية.
هذا الاستغلال والابتزاز لحاجة المريض هو جريمة، وقد وقع البعض ضحيّة عدم معرفتهم بالأدوية المغشوشة، قد يكتشف أمر بعضها في حين تمرّ على البعض الآخر دون التحقّق أو معرفة مدى تزويرها.
لم تُكشف الجهة أو كيفية إدخال هذه الطبخة المزوّرة لدواء السرطان حتى الساعة، لكن استطاعت وزارة الصحّة كما تؤكّد رئيسة مصلحة الصيدلة في وزارة الصحة الدكتورة كوليت رعيدي لـ”النهار” أنّه “كشف نظام Meditrack أنّ هذه الطبخة غير مستوردة إلى لبنان ، وعليه تمّ الاتّصال بالمختبر في الخارج لتحليل الطبخة والتي كشفت أنّها مزورة.
لكنّ هذه الحادثة هي فردية وجاءت عبر تهريب غير قانوني وتشمل طبختين مزرورتين لنفس الدواء. ووفق رعيدي “لقد أبلغت وزارة الصحة المستشفيات والصيدليات وكل المعنيين حول هذه الطبخة وتمّ إصدار قرار منع وسحب تداول وتعميمها على كل القطاع الصحيّة في حال جاء مريض يحمل هذه الطبخة من الدواء. إلّا أنّنا لم نتبلغ من أيّ مستشفى عن حالات متشابهة وبقيت ضمن الحادثة الفردية ولم يكن من خلال المستشفى الذي تشتري الدواء عبر قنوات صحيحة وقانونية”.
وبرغم من اكتشاف التزوير وتعقب الدواء إلّا أنّ الوزارة لم تتوصل بعد تحقيقاتها إلى معرفة الفاعل، وما جرى كان عبر مريض اشترى الدواء من أحدهم ولا يعرف من سلّمه إياه، والأهمّ أنّ الموضوع ليس على نطاق جماعيّ أو واسع وانّما فرديّ.
وتشير رعيدي إلى أهمية نظام Meditrack الذي يسمح بتعقّب كلّ دواء يدخل عبر القنوات الصحيحة ومعرفة الجهة المستوردة ومن هم مستخدمو هذه الأدوية. وغالباً ما تكون عمليات التهريب والتزوير تطال الأدوية الباهظة الثمن”.
في حين يشرح نقيب مستوردي الأدوية في لبنان جبارة إلى أنّ “هناك حالتين موثقتين أحيلتا إلى وزارة الصحّة التي عالجت الموضوع بسرعة. وهي تعود للأدوية التي تدخل من خارج الطريقة النظامية المتعارف عليها، والحالتان الموثّقتان تعود أولّهما إلى أكثر من 3 أشهر والثانية إلى نحو الشهر ونصف”.
ويضيف جبارة أنّ “الحالتين الموثقتين، تعد تحليلهما والحصول على النتائج، جاءتا بعد أن اكتشفت الصيدلية في المستشفى أنّ رقم الطبخة المطبوعة على العلبة مختلفة عن رقم الطبخة المطبوعة على العبوة، ومن المفروض أن يحمل الرقم نفسه. وبعد الإبلاغ عنه اكتشف المعنيون أنّه مزوّر وقد أرسلت وزارة الصحة تعميماً بحظر التدوال به لكافة المعنيين”.
ويتحدّث جبارة عن حادثة حصلت معه اليوم “أحد اصدقاء شخص يعمل لدينا في الشركة أرسل صورة لدواء غير موجود في لبنان وبعد إرسال صورة للعلبة المرسلة تبيّن أنّ اسم الدواء مكتوب بصورة خاطئة وغير صحيحة. وعليه طلبت منهم عدم شراء العلبة لأنّه يستحيل أن يكون خارجاً من مصنع لديه مصداقية واسم الدواء المطبوع خاطئ ومغلوط”.
ويحذّر جبارة أنّه “مع شحّ الأدوية نشهد أكثر فأكثر أشخاصاً يحاولون الاستفادة من حاجة المرضى وبيعهم أدوية من الخارج غير موثقة، فهذا الفراغ الموجود في القطاع الدوائي سيفتح الباب للتهريب والتزوير، وهذه هي المأساة التي نحن فيها اليوم. فرغم كلّ الجهود والمحاولات التي نقوم بها والمال المرصود لهذه الأدوية نعجز عن تلبية حاجة كلّ السوق، هناك من يستغل هذه الآزمة وسدّ الفراغ الموجود بأدوية جيّدة حيناً، وأدوية مزوّرة أو مغشوشة عند آخرين، وقد تبيّن أنّ هذين الدوائين قادمان من تركيا. وأيّ تزوير يحتاج إلى معمل يقوم بعمليات التزوير ولا يمكن لشخص أن يقوم بهذا التزوير”.