IMLebanon

حرب أوكرانيا ترعب الفرنسيين.. فلجأوا لحل سحري

يرى الفرنسي، ستيفان ماتوس، أنه للمرة الأولى “لم يعد الخطر النووي بعيد الاحتمال بالنسبة لنا كفرنسيين. نحن الدولة الثانية التي تمتلك أكبر عدد من المفاعلات النووية بعد الولايات المتحدة”.

ومع ذلك، يصرح ماتوس متذمرا في مقابلة مع موقع “سكاي نيوز عربية”، أن الفرنسيين الأقل تجهيزا للسكان في أوروبا من حيث عدد الملاجئ”.

وماتوس أحد الفرنسيين الذي قرر ترميم قبو بيته، إثر الحرب في أوكرانيا، تحسبا لوصول نيران القتال إلى فرنسا.

ويضيف ستيفان: “أصيبت زوجتي بنوبات الهلع مباشرة مع انطلاق الحرب على أبواب أوروبا، وللتخفيف من حدة خوفها قررنا اللجوء إلى إحدى شركات بناء الملاجئ في مدينة ليون، لتحصين نفسنا في حال تصاعد الصراع”.

وستيفان واحد من العديد من الفرنسيين، الذين أصبحوا يخشون الأسوأ بعد انطلاق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، خصوصا بعد سيطرة القوات الروسية على محطة تشيرنوبيل للطاقة، ثم القتال الذي اندلع حول محطة الطاقة “زابوروجيا”، ما أيقظ المخاوف من حرب عالمية ثالثة أو تسرب إشعاعي.

وبحسب الأرقام الرسمية، يوجد في فرنسا حوالى ألف ملجأ فقط، تضم 400 للخواص و600 ملجأ عسكري، وهو رقم صغير نسبيا إذا ما قورن بدول أوروبية أخرى.

ويقول رئيس ومؤسس شركة “أرتيمي بروتكيسيون”، الرائدة في صناعة الملاجئ في فرنسا، ماتيو سيران، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه مقارنة عدد الملاجئ الموجودة في فرنسا وعدد السكان الذي يصل إلى 67 مليون نسمة، تبقى نسبة حماية الفرنسيين من تسرب إشعاعي نووي “منعدمة”.

ويتابع: “لقد دفعت مشاهد الأوكرانيين المحتمين في الملاجئ إلى زيادة الطلب على المخابئ في فرنسا، وهذا تترجمه كمية الرسائل التي تصلنا يوميا حول التكلفة المالية لهذه الملاجئ. فقد تعدت 700 طلب خلال مدة لا تتجاوز 15 يوما. بدأنا فعليا عملية البناء لحوالى 20 ملجأ لحد الساعة”.

وتقدم الشركة الفرنسية ملاجئ خرسانية معززة مضادة للذرات لمواجهة “الحوادث الذرية أو النووية أو الإشعاعية أو البيولوجية أو الكيميائية أو الانفجارات أو القصف الصاروخي”.

وتتراوح مساحة الملاجئ بين 6 أمتار و100 متر مربع، ويمكن تسليمها في غضون ثلاثة أشهر كحد أقصى.

وتتغير تكلفة هذه الإنشاءات التي يحتاج بناءها إلى تصريح إداري، حسب المساحة والإضافات التي يريد أن يضفيها الزبون على مخبئه.

ويؤكد ماتيو سيران في هذا الشأن أنهم يقترحون ملاجئ مجهزة بنظام تهوية من 6 أمتار، يمكن الاحتماء فيها من قصف محتمل لأيام قليلة فقط.

لكن في حالة إشعاع نووي يجب الاحتماء لأسابيع، لهذا يوفرون مخابئ تتعدى مساحتها 20 متر مربع وقد تصل، حسب الطلب، إلى 100 متر مربع.

ويوضح: “في الواقع، يشبه الأمر شراء سيارة، يمكن للزبون إضافة الكثير من الخيارات. بدون خيارات يباع الطراز الذي تبلغ مساحته ستة أمتار، 149 ألف يورو. فيما يمكن للوحدة النمطية الأكثر تفصيلاً التي تبلغ مساحتها 20 مترا مربعا أن تضاعف الخيارات وهي المياه والمولدات والفراش ومنطقة المطبخ والحمام. هنا، الفاتورة ترتفع إلى حوالي 300 ألف يورو”.

أما فلورنس سانر، التي بدأت بتسويق المخابئ المدفونة مع بداية الحجر الصحي في فرنسا، وهو نوع من المأوى شديد الأمان يدفن في حديقة المنزل، يسعى من خلاله زبائنها إلى الحماية من الظواهر المناخية، مثل العواصف أو الأعاصير، فتؤكد بدورها لموقع “سكاي نيوز عربية” أن هناك عينة جديدة من الطلبات تزامنت مع الوضع المضطرب في أوكرانيا.

وقالت: “لا يتوقف هاتفي عن الرنين، هناك إقبال كبير على الملاجئ الخاصة بي، سواء من داخل أو خارج فرنسا. لقد تلقيت في غضون أيام قليلة عدد طلبات يضاهي تلك التي تلقيتها منذ أن بدأت مشروعي قبل ثلاث سنوات. الخوف من الخطر النووي هو أهم دافع لزبائني الجدد”.

ويكلف الملجأ الكلاسيكي صاحبه حوالى 60 ألف يورو على الأقل ويتضمن على سبيل المثال، أسرّة ومراحيض جافة ومنطقة مطبخ. يمكن تجهيز آخر بمقصورة دش أو حتى غرفة سينما. طلبات متنوعة للعملاء بتعريفات مختلفة. لكن تبقى النقطة المشتركة بينها هي التزام فلورانس بالتكتم عن موقعه.

وعلى عكس فرنسا، تنتشر المخابئ بشكل أكبر في بعض الدول الأوروبية الأخرى، كفنلندا والسويد وسويسرا التي أصبحت فيها الملاجئ إلزامية في البناء الجديد منذ ستينيات القرن الماضي، ويستخدمها الكثيرون الآن كأقبية لمنازلهم.

وبلغة الأرقام، يوجد في سويسرا وحدها حوالى 9 ملايين ملجأ، ما يعني أن كل سكان البلاد الذين لا يتجاوز عددهم 8.6 مليون نسمة يمكن استيعابهم في الملاجئ.