كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
بين آذار ٢٠١٧ وآذار ٢٠٢٢، أي بين الزيارة الأولى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى الفاتيكان والزيارة الثانية له، أحداث سجلت وتطورات شقت طريقها وصولا إلى الأزمة التي يعانيها لبنان. في زيارته الأولى، اختار رئيس الجمهورية افتتاح جولاته الأوروبية من حاضرة الفاتيكان. ولم يكن يمضي وقتها على انتخابه سوى اشهر قليلة. حمل في خلال لقاءاته مشروعا عما يفكر في انجازه في البلد لاسيما على الصعيد الإصلاحي، وابدى قداسة البابا فرنسيس دعمه له وتمنى له كل التوفيق.واليوم تأتي زيارته الثانية بعد خمس سنوات على الأولى، وقبيل الانتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من أيار المقبل والدخول في فلك الاستحقاقات الكبرى. وهذا كله يستدعي اجتماعا مع البابا فرنسيس الذي يخص لبنان بمحبة خاصة ولم يتوانَ عن مناقشة تفاصيل وضعه مع كبار القادة الأوروبيين فضلا عن ارساله وزير خارجية الفاتيكان المونستيور بول ريتشارد غالاغير إلى بيروت منذ فترة وجيزة. وعندها تحركت الاتصالات لترتيب موعد زيارة الرئيس عون الى الفاتيكان، أنها رغبة رئيس الجمهورية الذي لديه ما يقوله إلى قداسة البابا.
قد يقال أن الزيارة هي لنقل هواجس الرئيس عون من تفاقم الأمور والخشية من أي فراغ رئاسي، وقد يقال أيضا أنها زيارة رد الشكر إلى الحبر الأعظم بإرساله المونسنيور غالاغير، وقد يذهب البعض إلى القول أن رئيس الجمهورية وبعدما يقدم رؤيته عن الأوضاع قد يلمح إلى خيار التمديد أو ينقل تمنيات شخصية تتصل بهوية الرئيس المقبل. وهكذا تنطلق تحليلات من هنا وهناك وشائعات مختلفة، إنما عنوان واحد لا يمكن إلا أن تتفق عليه هذه التحليلات وهو ان الأخطار التي تهدد اللبنانيين ولاسيما المسيحيين ستحضر على طاولة البحث. وهنا يسأل مراقبون ما إذا كان البابا سيتحدث عن مخاوف تتصل بتغيير هوية الكيان اللبناني أو ما سمعه من عبارات أو كلمات تدور في سياق واحد عن هذا التغيير.
وتقول مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لصحيفة اللواء أن الزيارة تبدأ نهاية الأسبوع الجاري، فكيف تمكَّن البعض من معرفة ما قد يدور فيها قبل ان تحصل، وكيف ذهبت مخيلاته إلى نسج تحليلات لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وتشير إلى أن بعضاً مما يتردد لاسيما عن رغبته في التمديد هو كلام غير صحيح، فالرئيس لا يزور الفاتيكان للحديث عن هذا الموضوع، وهو موضوع خارج إطار البحث ولن يتحدث رئيس الجمهورية لا في موضوع التمديد ولا في موضوع الفراغ، موضحة أن النقاش قد يتناول ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها والإصلاحات وبرنامج صندوق النقد الدولي.
وتلفت المصادر نفسها إلى أن زيارة الفاتيكان، هي لشكر البابا على مواقفه وعلى ذكر لبنان في صلاته واتخاذه أكثر من مبادرة في الصلاة من أجل لبنان ورعايته لقاءات روحية لبطاركة الشرق.وتلفت إلى أنه بعد أزمة أوكرانيا اصبحت هذه المسألة تتصدر المتابعة، وتوضح أن زيارة رئيس الجمهورية إلى الفاتيكان هي لتجديد الدعوة للبابا لزيارة لبنان في اقرب فرصة ممكنة، وربما في الخريف المقبل خصوصا إذا كان برنامجه حافلاً، على أن يعود تحديد توقيت الزيارة الى حاضرة الفاتيكان، وتقول المصادر أنها تشكل مناسبة لمنح الأمل والحماسة إلى اللبنانيين.
وتؤكد أن الفاتيكان أبدى قلقه من ملف الانتخابات النيابية، وهذا الموضوع سيحضر سواء في اجتماع رئيس الجمهورية مع قداسة البابا أو مع امين سر الدولة البابوية الكاردينال بيترو بارولين الذي زار لبنان في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، وهنا سيشدد رئيس الجمهورية على حصولها في موعدها.
اما الملف الاجتماعي فسيكون في أولويات البحث من زاوية معاناة اللبنانيين وتلمّس الأمكانات للمساعدة في عمل يحمل طابعا انسانيا، برعاية الفاتيكان أو يدعو إليه. كذلك لن تغيب الأوضاع العامة عن محور الزيارة ولأن الفاتيكان يملك ديبلوماسية ناشطة ومؤثرة معنويا، فإن الدور الذي يلعبه بشكل دائم في هذا المجال سيعود بالخير على العالم أجمع.
وتوضح المصادر أن شقاً من اللقاء يتناول لبنان النموذج في دول المشرق العربي، حيث التعايش الإسلامي- المسيحي وأن أي خلل يصيب هذا النموذج يترك انعكاساته، ولذلك لا بد من أن تستعيد منطقة الشرق الأوسط هدوءها ويتوقف القتال لا سيما في ليبيا وسوريا والعراق.
وتؤكد أن المباحثات تتناول المساعدات الإنسانية خصوصا والنقاط التي من شأن الفاتيكان المساعدة فيها،وتوضح أنه سيصار إلى استئناف البحث في التصور اللبناني للحل لمعرفة سبل المؤازرة والصعوبات التي تواجه ذلك، مؤكدة أنه سيطلب من الفاتيكان أن يلعب دورا أساسيا لدى المجتمع الدولي بهدف الإبقاء على مظلة امان فوق لبنان وهذا ما يركز عليه رئيس الجمهورية في زيارته.
في المقلب الأخر،ترى أوساط سياسية أن رئيس الجمهورية يحاول في ما تبقى من ولايته أن يقدم على أمور يعتبرها البعض أنها تساعد على تسجيل نقاط إيجابية في رصيده، لافتة إلى أن هذه الزيارة قد تكون من ضمنها.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية يزور ايطاليا أيضا ويعقد لقاءات في العاصمة روما مع عدد من المسؤولين هناك.