كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
لم يفاجِئ قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالعزوف عن الترشّح، بعض عارفيه والمحيطين به، ولو أنّه لم يجزم الأمر أمام سائليه إلا قبل ساعات من اعلان بيان وضع النقاط على الحروف. لكن ماكينته الانتخابية لم تضرب أي ضربة قد تدلّ على احتمال انخراطها في الوحول الانتخابية تحضيراً للاستحقاق. وهي لا تزال على هذه الحال من البرودة في التعامل مع المواعيد الانتخابية، رغم ما يقال عن احتمال دعم رئيس الحكومة للائحة «ميقاتية الهوى» ستتواجه مع لوائح دائرة الشمال الثانية بمقاعدها الـ11 (8 سنّة، بينهم 5 في طرابلس، ومقعدان في الضنية، ومقعد في المنية، فضلاً عن مقعد علوي ومقعد ماروني ومقعد أرثوذكسي) على حلبة العاصمة الثانية.
عملياً، أقفل نادي رؤساء الحكومات السابقين بابه بوجه الاستحقاق النيابي بعد اعلان رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري انكفاءه عن العمل السياسي والطلب من تياره السياسي التماهي مع قراره وبالتالي على كل من يرغب بخوض الانتخابات، تقديم استقالته من التيار، فانضمّ كل من تمام سلام وفؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي إلى مربّع العزوف، كلّ لأسباب تخصّه، ولكن قرار البقاء خارج رقعة المنافسة النيابية، لن يزعج أبداً الحريري، لا بل يريحه.
إذ يؤكد بعض المعنيين أنّ رئيس «تيار المستقبل» لم يهضم أبداً حملة التراشيح التي تسرّبت من بيته الداخلي ومن بيوت الحلفاء، وتحديداً السنّة تحت عنوان التصدي للفراغ ومنع تسلل قوى الثامن من آذار إلى الساحة السنيّة، وهو يفضّل تسليط الضوء على اللاتوازن السياسي الذي ستكرّسه صناديق الاقتراع في ما لو بقي هو، محصّناً بمكونات نادي رؤساء الحكومات السابقين، خارج السباق الانتخابي.
ولعلّ هذا الاعتبار هو واحد من عدّة أسباب دفعت بميقاتي إلى الامتثال لقرار الحريري بالانكفاء، فضلاً عن خشيته من مواجهة عشرات ألوف الطرابلسيين ممن يعانون الجوع والفقر والبطالة، الأمر الذي قد يكلفه موازنة عالية جداً لتحقيق فوز نوعيّ في الانتخابات، ففضّل النأي بنفسه خصوصاً وأنّ هذا القرار سيكون موضع ترحيب من جانب المجتمع الدولي «الراعي» لترئيسه حكومة لبنان، لتكرار التجربة مع حكومة ما بعد الانتخابات النيابية.
وبناء عليه، ستكون الخيارات المتاحة أمام «الميقاتيين» في الاستحقاق النيابي، محصورة باحتمالين: إمّا تأليف لائحة «ميقاتية الهوى»، يصفها بعض أعضاء هذا الفريق بـsoft، وإما تأليف لائحة بالتكافل والتضامن مع «الخارجين» من «تيار المستقبل» وتحديداً الذين اتخذوا قرار الاستقالة من التيار لخوض الاستحقاق، ومنهم على سبيل المثال الدكتور مصطفى علوش، والنائب سامي فتفت وبعض أعضاء المكتب السياسي، وهؤلاء ليسوا بقلّة.
لكن تغليب ميقاتي سياسة عدم استفزاز الحريري أو التصادم معه والإبقاء على مسار العلاقة سالكاً وآمناً، قد يدفعه إلى اسقاط الاحتمال الثاني وترك الحريريين «يقلعون شوكهم بأيديهم» لتأليف لائحة من دون أي تعاون مع «الميقاتيين». أكثر من ذلك، يشير أحد المعنيين بماكينة ميقاتي إلى أنّ الأخير قد يبتعد كلياً عن الاستحقاق ولن يتبنى أي لائحة على نحو علني أو يحرّك ماكينته الانتخابية، وقد يكتفي بدعم شخصيات غير مرتبطة به، وبعيداً عن الأضواء. وفي ما لو أعاد النظر لتبني لائحة ميقاتية فقد تضمّ وفق العارفين، كريم كبارة، كاظم الخير، علي درويش، سليمان عبيد…
لائحة كرامي- الصمد
على مقلب فيصل كرامي، فإنّ التنسيق بينه وبين جهاد الصمد بعد مرحلة خلاف، صار على نحو دائم ومكثّف. ماكينة كرامي انطلقت في العمل. وهو بصدد وضع اللمسات الأخيرة على لائحة ستكون مقفلة، على خلاف المرة الماضية التي تركت مقعدين شاغرين، وسيتمّ هذه المرة تكوين لائحة من 11 مرشحاً، وهي تضمّ إلى الآن في نواتها الأولى كلّا من: فيصل كرامي، جهاد الصمد، طه ناجي، محمد الأمين، رفلي دياب، والأرجح أنّ الاسم الماروني سيكون جورج شبطيني، فيما يتمّ التشاور مع شخصيات علوية للاتفاق مع مرشح «ابن بيئته».
على ضفّة اللواء أشرف ريفي، وحده التفاهم مع «القوات» التي سمّت ايلي خوري للمقعد الماروني، هو الثابت في هذه اللائحة، فيما يتولى ريفي جوجلة الترشيحات التي فرزتها طرابلس والمنية والضنيّة قبل اعلان لائحته، مع شطب احتمال التفاهم مع الـ»EX مستقبل» لخشية هؤلاء من صبّ الزيت على نار انزعاج الحريري من ترشّحهم.
في المقابل، تشير تخمة الترشيحات التي سجّلتها الدائرة (114 مرشحاً)، بينهم 63 مرشحاً عن المقاعد السنية الخمسة في طرابلس، إلى وجود عجقة طامحين يرغبون في رفع مظلّة المجتمع المدني، مع أنّ بعضهم وفق بعض المواكبين «مدفوش» بغية تخفيض الحاصل الانتخابي لا أكثر.
أرقام 2018
ختاماً، لا بدّ من إعادة التذكير ببعض النتائج التي بيّنتها صناديق الاقتراع في الدورة الماضية لما فيها من تفاوت ضخم بين الأرقام. اذ حلّ نجيب ميقاتي أوّل مع 21300 صوت تفضيلي، فيما فاز نقولا نحاس بحوالى 1000 صوت تفضيلي. جهاد الصمد سجل أكثر من 11 ألف صوت تفضيلي فيما تجاوز فيصل كرامي الـ7000 صوت. عند «المستقبل» حلّ عثمان علم الدين عن المنية أوّل مع أكثر من 10000 صوت تفضيلي، ومحمد كبارة ثانياً مع 9600 صوت تفضيلي. أمّا أشرف ريفي فنال حوالى 5900 صوت تفضيلي.
بالاجمال، فقد نالت لائحة «المستقبل» أكثر من 51 ألف صوت، فيما نالت لائحة «العزم» أكثر من 42 ألف صوت، أما لائحة «الكرامة» فنالت أكثر من 29 ألف صوت.