يواجه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، انتقادات شديدة بعد الكشف عن أن حكومته دفعت نحو 2.64 مليار دولار لشركات استشارية خاصة مقابل مشورةٍ وتقارير، تبين بعد ذلك أن كثيراً منها لم تكن له قيمة أو أُلغيت المشروعات المتعلقة به.
صحيفة The Times البريطانية قالت الأربعاء 23 آذار 2022، إن هذه الانتقادات تأتي بعد الكشف عن تعاملات للحكومة الفرنسية مع شركة “ماكينزي” McKinsey الاستشارية الأمريكية، التي يرتبط بها الرئيس الفرنسي بصلات وثيقة، غير أنها متهمة بالتخلُّف عن دفع ضرائب مستحقة عليها في فرنسا طوال العقد الماضي، على الأقل.
بينما يأمل خصوم ماكرون أن تنال “الفضيحة” من مكانته قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الشهر المقبل، والتي يبدو ماكرون قريباً من الفوز فيها بولاية ثانية.
احتدم الجدل في أعقاب تقرير صدر عن لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي عن “التأثير المتزايد لشركات الاستشارات الخاصة على السياسات العامة”.
يكشف التقرير أن الحكومة أنفقت نحو 982 مليون دولار من إجمالي إنفاقها على شركات الاستشارات الخاصة، العام الماضي، وهي زيادة كبيرة على إنفاق عام 2018 الذي بلغ نحو 416 مليون دولار.
بلغ إجمالي إنفاق الحكومة الفرنسية على شركات الاستشارات الخاصة، على مدى السنوات الأربع الماضية، نحو 2.6 مليار دولار، منها ما يزيد على مليون دولار لشركة ماكينزي الأمريكية؛ للحصول على مشورتها بشأن خطة إصلاح المعاشات التقاعدية التي أُلغيت لاحقاً.
إضافة إلى نحو 613.879 ألف دولار لشركتين أخريين، هما “مجموعة بوسطن الاستشارية” Boston Consulting Group، وشركة “إرنست ويونغ” EY، لتنظيم هيكلةٍ لأقسام حكومية معينة، لكن هذه الخطة أُلغيت لاحقاً أيضاً.
ظهرت شركة ماكينزي أكثر من مرة في التقرير الفرنسي، فقد تلقت نحو 545.670 ألف دولار في مشروع لرسم ملامح “مستقبل التدريس” بوزارة التعليم الفرنسية في عام 2020، ونحو 4.3 مليون دولار لتقييم خطةٍ حكومية لتعديل مشروع إعانة الإسكان في عام 2019، ونحو 13.54 مليون دولار للمشورة فيما يتعلق بأزمة قطاع الصحة خلال جائحة كورونا.
قال التقرير إن الخدمات التي قدمتها الشركة للحكومة الفرنسية في أثناء الوباء، شملت تعيين استشاري يُفترض أن يكون وسيطَ اتصالٍ بين وزارة الصحة الفرنسية، ووكالة الصحة العامة في فرنسا، وقد عمل المستشار مدة 3 أشهر، بتكلفةٍ بلغت 186.108 ألف دولار.
بينما أوضح التقرير أن متوسط رسوم الاستشارات بلغ 1678 دولاراً للفرد في اليوم، وغالباً ما كان يُطلب من الاستشاريين إقناع موظفي الخدمة المدنية الفرنسيين باتباع أساليب عمل جديدة. وزعم التقرير أن كثيراً من “هذه الأساليب لم تلقَ استحساناً من موظفي القطاع العام”.
من جهة أخرى، طالت الانتقادات شركة ماكينزي بعد أن ذكرت اللجنة الفرنسية أنها لم تدفع ضرائب الشركات المستحقة عليها في فرنسا منذ عام 2011. ودعت اللجنة مفتشي الضرائب إلى التحقيق مع الشركة، التي قيل إن إيراداتها بلغت نحو 361 مليون دولار بفرنسا في عام 2020.
أحرجت هذه المزاعم ماكرون، الذي قيل إنه استعان بموظفي شركة ماكينزي لمساعدته في صياغة برنامجه الانتخابي في انتخابات عام 2017. وقالت صحيفة Le Monde الفرنسية إن عشرة مستشارين على الأقل من الشركة شاركوا في صياغة برنامج ماكرون الاقتصادي.
في هذا السياق، اتهم ديفيد ليسنارد، عضو حزب “الجمهوريين” الفرنسي، ماكرون بـ”التغاضي” عن انتفاع الشركات الاستشارية لأغراض خاصة، ودعا إلى إجراء تحقيق.
كما ندد جوردان بارديلا، نائب زعيم حزب التجمع الوطني اليميني، بما وصفه بـ”فضيحة للدولة” الفرنسية. وقال بارديلا: “لا يمكننا تسليم زمام الأمور في فرنسا… لأصحاب المصالح الخاصة الذين لا يدفعون ضرائب بفرنسا، وهي شركات أمريكية في نهاية الأمر”.
في المقابل، قالت شركة ماكينزي إنها لَطالما “احترمت القواعد الاجتماعية الفرنسية واللوائح المالية السارية”، وإنها دفعت ضرائب في “السنوات التي حققت فيها أرباحاً في فرنسا”.