جاء في “المركزية”:
قد تكون صفة “معقدة” التي أطلقها مراقب سياسي في توصيفه معركة الإنتخابات المرتقبة في دائرة صيدا-جزين أقرب إلى الواقع خصوصا أن لوحة “البازل” التي كان يفترض أن تكون انجزت عشية إقفال باب الإنسحابات لا تزال قيد التركيب، والثابت أن في كل منها قطعة أو أكثر في عداد المفقودين!
حتى لحظة إقفال باب الترشيح في 15 آذار كانت الصورة الأولية عن حجم المعركة التنافسية في دائرة الجنوب الأولى أكثر تعقيدا وتشابكا. وهذه ليست المرة الأولى، إذ يمكن مقاربة هذا الواقع مع انتخابات العام 2018 بعدما جمع القانون الإنتخابي مدينة صيدا مع قضاء جزين فجاءت التحالفات هجينة وانفرط عقدها قبل أن تثمر حراكا سياسيا على الأرض.
6 لوائح ستتنافس في دائرة جزين -صيدا هي: لائحة التيار الوطني الحر، لائحة النائب ابراهيم عازار، لائحة النائب اسامة سعد، لائحة القوات، لائحة المستقيلين من تيار المستقبل، لائحة- او اكثر – للمجتمع المدني. وتتوزع المقاعد النيابية الخمسة على الشكل التالي: موارنة (2) سنة(2) وكاثوليك(1) . وبحسب الإحصاءات يبلغ عدد الناخبين في صيدا 67،244 وهم يتوزعون بين مقيمين 63،809 ومغتربين 3435. في حين يبلغ عدد الناخبين في جزين 62،073 ويتوزعون بين مقيمين 57،175 ومغتربين 4898 ويشكلون بيضة القبان في هذه الإنتخابات. أما نسبة الإقتراع المتوقعة في دائرة الجنوب الأولى في انتخابات 2022 فقد تصل إلى 70،995 في المئة في حين لم تتجاوز 54،9 في المئة في 2018 أما الحاصل الإنتخابي فمن المرجح ألا يتعدى 14،199 في المئة .
تعقيدات الإنتخابات تكاد أن تكون مكبلة في دائرة الجنوب الأولى بحسب أوساط عليمة بحركة التحالفات وقبلها الترشيحات. “أم العقد” تمثلت بتعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي وعزوفه عن الترشح واستنكاف “المستقبل” عن خوض غمار الإنتخابات خلافا للمرات السابقة والتزام رئيسة الكتلة النائب بهية الحريري به، ما جعل “التيار الازرق” امام خيارات في صيدا، أحلاها مرّ حتى بعد دخول رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة على الخط والدعوة الى المشاركة في الاستحقاق وعدم ترك الساحة السياسية، او عدم المشاركة و ترك حرية الخيار للناخبين، ما يعني عمليا تراجع نسبة التصويت وانخفاض الحاصل الانتخابي الذي قارب في السابق نحو 13 الفا. وعلى رغم دخول الحراك الإحتجاجي أو ما يعرف بمجموعات “حراك صيدا” على خط المنافسة بهدف التغيير إلا أنها لم تصب الهدف المنشود في ظل تشتت المجموعات وعدم التوافق حتى الان على لائحة موحدة، بعد ارتفاع عدد المرشحين. واللافت في هذه الدورة قرار الامين العام لـ”التنظيم الشعبي الناصري” النائب الدكتور اسامة سعد خوض غمار الانتخابات هذه الدورة مع مجموعة “انتفاضة 17 تشرين الأوّل 2019” التي اكتسبت شرعية شعبية في ساحات النضال وميادينها وبذلك يكون انفرط عقد التحالف مع النائب الجزيني ابراهيم عازار المدعوم من حركة “أمل” ورئيسها رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبتحالف سعد مع الدكتور عبد الرحمن البزري، يعاد فتح الباب امام تكرار التجربة المشتركة التي خاضها الجانبان في الانتخابات البلدية في العام 2004 والتي حملت البزري الى رئاسة مجلس بلدية المدينة، على أن تضم اللائحة أيضا كلا من شربل مسعد وكميل سرحال وجميل داغر.
الخلافات داخل “التيار الوطني الحر” في جزين استعرت مع ترشيح التيار النائب زياد أسود وخروج النائب السابق أمل أبو زيد الذي رفض الوجود على نفس اللائحة مع أسود. وبذلك يكون التيار فك تحالفه مع الثنائي الشيعي. وتشير أوساط المراقبين لحلقة الترشيحات في دائرة الجنوب الأولى أن الحركة ستدعم من تحت الطاولة عازار على أن تتوزع أصوات الحزب على الحركة وعازار وأحد مرشحي التيار والثابت أنه لن يكون زياد اسود.
وكما في باقي الدوائر تبقى لائحة حزب القوات اللبنانية الأكثر انقشاعا في الرؤية والتحالفات المستقبلية بعد دعمه المرشحة المستقلة الدكتورة غادة أيوب بو فاضل عن المقعد الكاثوليكي والمهندس سعيد الأسمر عن المقعد الماروني والبحث جار لضم مرشح من المجتمع المدني عن المقعد الماروني. مصادر قواتية أكدت عبر “المركزية” أن نسبة الحصول على حاصل في انتخابات 2022 كبيرة نتيجة الإحصاءات وارتفاع نسبة المقترعين وتسجيل حوالى 4200 مغترب أسماءهم وهؤلاء وحدهم سيحدثون فرقا. وتلفت الأوساط إلى أن العمل الدؤوب الذي قام به الحزب في قرى الدائرة لا سيما على مستوى التواجد عن قرب مع العائلات التي تعاني من جراء الأزمة الإقتصادية ساهم في رفع نسبة حظوظ الأصوات الموالية. وثمة توجه لأن يدعم حزب الكتائب اللبنانية أحد المرشحين المستقلين بعدما كان التوجه نحو ترشيح أحد أعضاء المكتب السياسي كلود حجار.
بالتوازي يسعى المستقيلون من تيار المستقبل الى تشكيل لائحة عمادها المرشح يوسف النقيب، من دون انقشاع الرؤية في أسماء باقي المرشحين، الامر ذاته ينسحب ايضاً على لائحة الجماعة الاسلامية التي رشّحت بسام حمود.
في ظل وفرة المرشحين وضعف القدرات، تبقى العقدة السنّية التي يواجهها كل من “القوات” و”الوطني الحر” بعدم وجود رغبة أو حماسة لدى المرشحين السنّة للإنضمام الى لائحتيهما، أم العقد فهل تتجاوز دائرة الجنوب الأولى بلوك المقاطعة السنية مع عودة السعودية إلى لبنان؟ الجواب في 15 أيار إذا لم يطرأ ما يلغي الإستحقاق.