كتبت سناء الجاك في “نداء الوطن”:
لم يعد أمام “العهد القوي” إلا تفجير البلد ليتخلص من ورطة الانتخابات. فهو يسخر كل أدواته المزروعة في القضاء لإزاحة من يعيق طريقه لاستعادة أكثرية التمثيل النيابية، لذا يلجأ مهندسو هذا العهد إلى أعلى ما خيلهم، يفبركون ملفات وينبشون قبورا ليقضوا على خصومهم، وبشراسة لا تقيم وزنا لا للقانون ولا للمؤسسات، وبالتأكيد آخر همهم السلم الأهلي.
أو هذا السلم هو همهم الأول، ولكن بالمعنى السلبي المعاكس.
هم باشروا معركتهم بالتضييق على الناس بلقمة خبزهم وبتعطيل حصولهم على رواتبهم وما تبقى من ليراتهم، وذلك بإجراءات تعطل ما تبقى من حركة المصارف بحجة حماية أموال المودعين، ولكن من خلال إجراءات قضائية استنسابية انتقامية وشعبوية لا مردود لها على الوضع المالي للبنانيين إلا باتجاه جنهم الملتزمين تغذيتها بمزيد من القهر والذل الذي تعيشه يوميا.
حاولوا استثمار زيارة الرئيس ميشال عون الى الفاتيكان وعادوا بفضيحة انقلبت مفاعيلها على ما تبقى من شعبيتهم المتراجعة، فقط لتسديد فاتورة إلى “حزب الله” والحصول منه على مكاسب جديدة عبر الدعم غير المسبوق والمسعور لنجدتهم، والأهم لتعبيد طريق الصهر الغالي إلى كرسي بعبدا.
واليوم، ها هم يحركون القضاة المحسوبين عليهم وعلى حلفائهم في المحور ليفتحوا ملفات على مجهول الفتنة والتجييش الطائفي، على أمل نسف الهدوء الأمني الحذر والنسبي، لينفجر ويطيح بالاستحقاق الانتخابي.
هم عالمون أن ورطتهم أكبر مما نعلم. بالتالي تضيق خياراتهم.
وعلى الرغم من تشغيل ماكينة التفاؤل الإعلامية بأقصى قوتها للإيحاء بأن لا شيء سيتغير في الأكثرية الحالية، وأن الصهر العزيز سيعود ظافرا مكللا بالغار بفضل جهود راعيه وحاميه.
والأهم، بالرغم من ان الثنائي مرتاح الى وضعه ولن تشهد ساحته الشيعية الا ما يريده، وبالرغم من أن التوجه الحالي لإعلام “تيار المستقبل” يدعو إلى قاطعة المشاركة في الانتخابات وان بأساليب غير مباشرة، ويهاجم “أهل البيت” المتمردين على هذه الدعوة، تماما كما يهاجم حلفاء الأمس وخصومه في آن معا.
ولكن هذه الوقائع التي يفترض أن تفيد “العهد القوي”، يبدو انها لا تقدم الكثير لجهة ضمانه العودة الى الندوة البرلمانية، كما كان أو بأقل الخسائر الممكنة.
وإلا لماذا الحفر تنقيبا عن طبقات جديدة من جهنم، ليصار إلى كي اللبنانيين في أتونها، مع تسخير قضاة الهيكل في خدمات مباشرة للشعبوية المطلوبة إنقاذا لحامي حمى الأقليات المشرقية؟
ولماذا استحضار الفتنة من خلال العبث بأمن عين الرمانة، ومن خلال توجيه الاتهام المباشر لرئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع في هذه المرحلة بالذات؟؟
وأيضا، ما مبرر العودة إلى نغمة تأجيل الانتخابات؟
وفي حين أن “حزب الله” وحده قادرٌ على ذلك، إلا أن الإعلام البرتقالي يتفنن في تحميل الآخرين مسؤولية مثل هذا التمني، والصاق الأسباب بهم.
ولا غرابة في وفاء “حزب الله” لمن سلفه هذا الموقف الناصع البياض من الفاتيكان، ولا امتعاض جراء القلق على أكثرية برلمانية، قد يحرمه منها “العهد القوي” الذي لا تترجم قوته إلا من خلال التعطيل والشهية المفتوحة على ابتلاع المؤسسات وحشوها بأزلامه ومحاسيبه.
أما في الشارع، ومع الناس الذين يتاجر بهم من خلال ادعائه إعادة حقوق المسيحيين من جهة ومحاربة الفاسدين الذين لا يضيرهم فسادهم إلا من حيث خصومتهم مع الصهر العزيز ومصالحه الخاصة، فلا حول له ولا قوة ولا من يحزنون.
لذا، فلينفجر البلد وتلغى الانتخابات.. وبعدها يتولى المدبر تدبير الصيغة الجديدة وفق موازين القوى المحلية والإقليمية وغض النظر الدولي..