Site icon IMLebanon

محتكرون باب أوّل

كتب عماد موسى في “نداء الوطن”:

أمس عثرت على كنز وهو كناية عن كيس سكر (خمسة كيلوغرامات) بسعر مدعوم يبلغ 1250 ليرة للكيلوغرام. كيس منسيّ في صندوق ذكريات، وإلى جانب السكّر مجمع “قهوة سريعة الذوبان” بحجم عائلي وسعره أربع وأربعون ليرة، إلى أكياس فاصوليا عريضة، وحمص ومغلفات توابل وسريّة قناني صويا وقافلة سباغيتي مع مجموعة منتخبة من الـ “كونسرف” ومذكرات حميمة تعود إلى حقبة السلطان راؤول نعمة الأول.

قعدت على بلاط الحمام. فتحتُ درفة خزانة مستطلعاً حال المخزون الاستراتيجي من الصابون والشامبو ومعجون الأسنان والمعقمات. سجّلت علامة رضى.

تفقدت الـ “ستوك” وتأملته بفرح عظيم. وما خُفي على الـ “تتخيتة” أعظم. كنت أبحث عن الفرح فوجدته. فرح مشوب بالقلق الوجودي. توجهت بعد عثوري على الكنز إلى غرفة المونة. ألقيت نظرة على تواريخ الصلاحية على قفا العلب وأكياس الحبوب والطحين. الحمد لله معظمها صالحة لما بعد 31 تشرين الأول 2022. لم يدم اطمئناني سوى لحظات. فخبر سفر المير طلال إلى موسكو على رأس وفد من الحزب الديمقراطي اللبناني أشعرني أن العالم مقبل على تطورات دراماتيكية. لم يكن ينقص المشهد الأوكراني سوى دخول المير طلال لـ “تطبيش” الميزان العالمي لمصلحة قيصر روسيا فلاديمير بوتين. ستنقطع المواد الحيوية بشكل مخيف. ما قبل زيارة المير ليس كما بعدها.

في العهد القوي، صرنا صنفاً آخر من البشر. محتكرين صرنا باب أوّل. إن سمع أحدنا مثلاً أن هناك عرضاً على زيت الصويا ولا يُسمح للشاري سوى بخمسة ليترات، يستنفر واحدنا قبيلته والأجباب والأفخاذ وأبناء العمومة و”عضام” الرقبة، ويرسلهم إلى السوبر ماركت، حيث العرض، فتستبيح القبيلة طول السوبرماركت وعرضها ولا تترك على الرفوف نصف ليتر لمحتاج. هذا التحرك لا يخرق قواعد العدالة في التوزيع. كل كائن بشري يحق له بخمسة ليترات، من سن الرابعة حتى سن الرابعة والتسعين. وهذا ما يحصل في العادة وذلك منعاً للإحتكار! العيل الصغيرة المكونة من خمسة أفراد وجدّ يشبه جد البستوني تكتفي بـ 30 ليتراً… كل يوم!

جميعنا محتكرون بنسب متفاوتة، فمن لا يملك من المال، ما يسمح له بالإنضمام إلى نادي المحتكرين، يبيع شيئاً من “صيغة” زوجته ويتموّن. الـ “صيغة” لا تؤكل ولا تُطبخ، ولا تصلح كحشوة لمعمول العيد.

في بداية الإنهيار طحش معظم اللبنانيين على الحليب ومشتقاته. ثم استفاقوا على تخزين ربطات المعكرونة، قبل أن يتحوّلوا إلى تخزين الحبوب، بعد الحبوب الزيت، ثم الطحين فالمازوت والبنزين وجرار الغاز، وحبل الإحتكار على الجرار.