Site icon IMLebanon

هل يمكن تغليب الأولويات السيادية على الاعتبارات الحزبية؟

كتب أحمد الأيوبي في “اللواء”:

من المقلق أن يكون جميع طابخي اللوائح والمرشحين والنخب السيادية مدركين لحتمية التعاون فيما بينهم، لكنّهم لا يمتلكون القدرة على ترجمة هذا التعاون بالشكل المطلوب. وبما أنّ القانون الانتخابي الذي يحمل اسم «إطعن أخاك» و»اغدر بحليفك» يجعل تشكيل لوائح موحدة أمراً صعباً، إضافة إلى عوامل التفرّق الذاتية، فإنّ على هؤلاء التوصل إلى قناعة وقرار يمنع الاشتباك بين اللوائح السيادية وتحويل المعركة إلى مكانها الصحيح نحو الخصوم.

تأخـّر جبران باسيل طويلاً للاعتراف بنواقض قانونه الانتخابي الذي جرى تخييطه على قياسه ليتمكن من النجاح في البترون، فهو أقرّ بأنّه يجبره على التحالف مع من يعتبرهم «فاسدين»، وأنّ القانون هذا يحمل صعوبات في تركيب اللوائح.. والحقيقة أنّه قانون «إطعن أخاك، واغدر بحليفك»، رغم كل ما يحكى عن تأمينه التمثيل الصحيح، لأنّ فكرة النسبية جرى تطييفها، بل وتمزيقها على مذبح إرادة «حزب الله» الذي يريد اختراق سائر المناطق، ويبدو أنّ التيار الوطني الحرّ بدأ يسرب من السمّ الذي طبخه، بعد أن اكتشف تراجع شعبيته في الشارع المسيحي.

النقاش الآن حول القانون ليس مفيداً، وليس مطلوباً العودة إلى القانون الأكثري، لكنّ تقييم نتائج القانون الحالي بشكل إجمالي ضروريّ للولوج إلى العنوان الذي طرحناه في هذا المقال: كيف ستدير القوى السيادية معركتها الانتخابية في ظل قانونٍ يمنعها كمصلحة انتخابية في كثير من الأحيان من التحالف، بينما حالت الخلافات البينية دون اصطفافٍ سياسي يريده الجمهور السيادي ويتوق إليه.

وبما أنّ الحال كذلك، يجب العمل للحدّ من الخسائر ومحاولة وضع قواعد سلوك انتخابية، تمنع قوى الممانعة من الإفادة من هذا الافتراق السيادي الانتخابي، وتعطي الفرصة لإمكانية إزاحة الخصوم وفوز الحلفاء في هذا الاستحقاق المعقد.

في هذا المجال، يمكن النظر إلى طريقة إدارة حلف الممانعة لمعاركه الانتخابية في ظل هذا القانون، فهو أيضاً لا يمكنه جمع حلفائه في لوائح موحدة، وإن كان «حزب الله» قد أعطى الأولوية المطلقة لدعم التيار الوطني الوطني الحر، والسعي لرفده بأكبر عدد من النواب حيث يستطيع.

أوّل قواعد الممانعة في إدارة معاركها الانتخابية هي عدم الاصطدام السياسي والإعلامي، وتحويل خطابها نحو خصومها، وهذا يتيح لها التعمية على التباينات الحاصلة فيما بينها، ويعطيها فرص طمس عيوبها السياسية في ظل الانهيار الذي أوصلت البلد إليه، كما يعطيها فرصة شدّ العصب في مواجهة الخصوم.

وهكذا، خمدت أصوات المدافع التي كان يصوّبها جبران باسيل إلى نبيه بري، ولو تحت ذرائع فاسدة، ولن نجد صراعاً حامياً بين سليمان فرنجية وجبران باسيل في دائرة الشمال الثالثة، حتى القوميين المتشرذمين في اللوائح، لا نراهم يهاجمون بعضهم، ويجري التركيز على الانقضاض على اللوائح السيادية.

نذكر هذا التوصيف حتى لا تأخذ البعض حدّة التنافس الانتخابي، فيُضيع البوصلة، وحتى لا نرى التقاصف بين أبناء الصف الواحد، مما يهدّد حتى وحدة الجمهور السيادي بعد الانتخابات النيابية، وهذا أمرر شديد الخطورة يجب العمل لاجتنابه سريعاً.

إنّ معالجة هذا الأمر نحتاجه في كلّ المناطق، وفي الشمال بشكلٍ خاص بدوائره الثلاث، حيث من الواضح أنّنا سنكون أمام لوائح عدة فيها سياديون اضطرهم القانون لهذا النوع من التموضع أو لم يتمكنوا من التحالف، لكنّ من واجبهم التفاهم وإذا لم يكن التنسيق قائماً، فعلى الأقل، أن يكون هناك إطار أخلاقي وسياسي، ربما يعمل عليه وسطاء غير مرشحين، لضمان أن لا تنزلق الأمور إلى التصارع بين اللوائح السيادية، فيفوز من يخوض السياديون المعركة لمنعه من السيطرة على لبنان.

أخطر ما يمكن أن تنزلق إليه الأمور، هو أن تقود حماوة التنافس القواعد الحزبية والكوادر العاملة في الفرق الانتخابية إلى تحويل المعركة إلى استهدافات شخصية بين المرشحين المنتمين إلى خط سيادي واحد، الأمر الذي سيتيح للخصوم حصد مغانم مجانية، وسيؤدي إلى تداعيات لا يمكن ضبط على صعيد القوى السيادية.

يبقى القول:

إنّ هذه المقاربة ليست مثالية أو طوباوية، بل هي واجب من الضرورة وضعه كأولوية في هذه الأيام الحاسمة التي نخشى أن تكون ولادة لمجلس نواب تسيطر فيه قوى الممانعة على الأغلبية، مستفيدة من ضعف وتفرّق الصفّ الوطني والسيادي.