قالت صحيفة The New York Times الأميركية، في تقرير نشرته الخميس 31 آذار 2022، نقلاً عن مصدرين يراقبان حركة المرتزقة، إنَّ مئات من المقاتلين السوريين في طريقهم للانضمام إلى القوات الروسية في أوكرانيا؛ لردّ الجميل فعلياً لموسكو لمساعدتها رأس النظام السوري بشار الأسد في سحق المتظاهرين والمعارضين طيلة 11 عاماً.
وفقاً لدبلوماسي غربي وحليف للحكومة السورية في دمشق، وصلت مجموعة أولى من الجنود بالفعل إلى روسيا للتدريب العسكري قبل التوجه إلى أوكرانيا. وهي تضم ما لا يقل عن 300 جندي من فرقة في الجيش السوري عملت من كثب مع ضباط روس ذهبوا إلى سوريا لدعم الأسد خلال الحرب.
قد يكون هناك مزيد من الجنود في الطريق؛ إذ عكف العاملون في التجنيد بجميع أنحاء سوريا على وضع قوائم بالآلاف من المرشحين المهتمين؛ كي تفحصها أجهزة الأمن السورية، ثم تُمرِّرها إلى الروس.
إذ تطورت سوريا في السنوات الأخيرة إلى دولة مُصَدِّرَة للمرتزقة، وهو أثر قاتم بعد سنوات من الحرب التي أعطت العديد من الرجال خبرة قتالية، لكنها دمرت اقتصاد البلاد لدرجة أنَّ الناس يكافحون الآن للعثور على عمل. لذلك انتشروا كسلاح مقابل أجر في الحروب بليبيا وأذربيجان وجمهورية إفريقيا الوسطى، والآن أوكرانيا.
من جانبه قال بسام الأحمد، رئيس “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، وهي مجموعة مناصرة بحثت في تجارة المرتزقة بسوريا: “في العموم، المال هو الدافع”. وأضاف أنَّ بعض السوريين يشعرون بالولاء لروسيا، بسبب دعمها للأسد، بينما يشترك آخرون في القتال، لأنهم ببساطة يحتاجون إلى المال ويصدّقون وعود المُجنِّدين لهم بأنهم سيحصلون على وظائف غير قتالية، مثل حراسة القواعد أو المنشآت النفطية.
تابع الأحمد: “بعض الناس لا يمانعون القتال، لكن هناك مجموعات تستفيد بالتأكيد من احتياجات الناس. والنتيجة واحدة: الناس يدفعون الثمن. ويشاركون في حروب ليست حروبهم”.
كان المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، قد صرّح، الأربعاء 30 آذار 2022، بأنَّ نحو ألف مرتزق، من بينهم سوريون، تابعين لمجموعة فاغنر، المتعاقد العسكري الروسي، موجودون بالفعل في منطقة دونباس الشرقية بأوكرانيا، حيث أقامت روسيا جيبين انفصاليين.
برغم أنَّ استخدام المرتزقة لا يعد جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف، فإن هناك معاهدة منفصلة للأمم المتحدة تُجرِّمها. وأوكرانيا من الدول الموقعة على تلك المعاهدة، لكن روسيا ليست كذلك.
من جانبها قالت سورتشا ماكليود، رئيسة فريق الأمم المتحدة العامل المعني باستخدام المرتزقة: “ما نراه هو تجنيد مفترس. إنهم يستغلون الوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ الذي يجد هؤلاء الناس أنفسهم فيه”.
كذلك، يمكن أن تجذب العملية العسكرية في أوكرانيا أعداداً كبيرة من السوريين؛ نظراً إلى نطاق العملية، والعدد الكبير من القتلى والجرحى الروس، وعلاقات روسيا الوثيقة مع الجيش السوري. لكن الكثير من تفاصيل عمليات انتشار وأنشطة المرتزقة السوريين لا يزال غامضاً، بسبب الطبيعة السرية لعملهم.
في حين وصف المسؤولون والخبراء الغربيون، الذين يتتبعون القضية والمجندين والمقاتلين العائدين، نظاماً فوضوياً يتزاحم فيه الرجال، الذين لا يملكون سوى قليل من الخيارات، من أجل الحصول على فرص محدودة للمخاطرة بحياتهم من أجل رواتب لا يمكنهم الحصول على مثلها في وطنهم.
قال مُجنِّد مرتزقة في جنوب سوريا إنه سجل عدة مجموعات للذهاب إلى ليبيا، وتلقى حديثاً معلومات بأنَّ الروس يريدون ما يصل إلى 16000 سوري للقتال في أوكرانيا، وأشار إلى أنه يوضح الخطر الذي قد يواجه المرتزقة، برغم أنَّ بعض المُجنِّدين الآخرين يبرزون الفوائد التي ستعود على المرتزقة ويقللون من المخاطر.
كذلك، قال: “بعض الناس يروجون للمرتزقة الأمر كأنهم ذاهبون إلى الجنة. لكنكم لستم ذاهبون إلى الجنة”.
في حين قال سوري عاد مؤخراً من القتال بليبيا إنه ذهب من أجل المال فقط، لكنه لن يفعل ذلك مرة أخرى وسيخبر كل من يستمع إليه بألا يذهب إلى أوكرانيا، وأضاف: “الناس الذين يذهبون إلى هناك سيموتون”.