كتب معروف الداعوق في “اللواء”:
«باقون نحمي ونبني» شعار الحملة الانتخابية لحزب الله، لهذا الموسم،، وهو شعار من جملة الشعارات الفضفاضة التي تدغدغ المشاعر والنفوس، وتناقض ممارسات وسلوكيات الحزب، السياسية والامنية على ارض الواقع، وبعيدة كل البعد، عن النتائج الكارثية والازمات المعقدة التي تسببت بها، واغرقت اللبنانيين، في مسلسل معقد من المشاكل والصعوبات لم يسبق لها مثيل.
فمن يريد ان يحمي لبنان فعليا، عليه ان يلتزم دستوره وقوانينه بالفعل، لا ان ينشأ دولة ضمن دولة، بسلاح غير شرعي، مصدره وقراره لدولة خارجية، يستقوي به على بقية مكونات الشعب اللبناني، ويعطل مؤسسات الدولة، ويهدد ويقتل كل من يعارض ويرفض هذا الوضع الشاذ، ويقيم المؤسسات المالية الرديفة، ويستبيح المعابر غير الشرعية للتهريب المنظم للسلاح والمخدرات والبضائع، ويهدد امن الدولة اللبنانية واستقرارها، ويجعل من لبنان منصة لاستعداء الدول الشقيقة وتهديد امنها واستقرارها، والمشاركة بالحروب المذهبية والعبثية بالدول العربية الشقيقة، كا يحصل في سوريا والعراق واليمن وغيرها.
فحماية لبنان توجب الانخراط في مؤسسات الدولة اللبنانية فعليا، وليس التلطي وراء هذه المؤسسات واستغلالها لتنفيذ مصالح ومشاريع الدولة الايرانية بالهيمنة والسيطرة على المنطقة، وإلحاق لبنان واللبنانيين قسرا، وبقوة الامر الواقع بالسياسة الايرانية وبمشاريعها الفتنوية المدمرة، ويعزل لبنان عن الدول الشقيقة والمجتمع الدولي.
لم يثبت حزب الله ان سلاحه الايراني يحمي لبنان وشعبه، بل على عكس ذلك تماما، تسبب باستدراج إسرائيل للاعتداء عليه في تموز ٢٠٠٦، وتدمير البنى التحتية والاقتصادية وبخسائر فادحة بالارواح والممتلكات. وسجلُ ارتكابات الحزب وتوجيه سلاحه ضد اللبنانيين حافل بمحطات دموية، بالاغتيالات السياسية، باجتياح بيروت والاعتداء على اهلها بالسابع من أيار المشؤوم واحتلال الوسط التجاري، وتعطيل الاستحقاقات الدستورية وشل عمل الحكومات، وكلها، لا تمحوها الخطابات والمواقف المزيفة والعالية النبرة، بل هي محفورة بذاكرة اللبنانيين، وماثلة بممارسات الحزب اليومية، بمصادرة الحياة السياسية، وتهديد كل من يعارض او يعترض على وجود سلاحه غير الشرعي.
اما في ما يخص كلمة «نبني» الواردة في الشعار، فهي لا تناقض ممارسات الحزب، كما كلمة «نحمي» بالتمام والكمال فقط، بل تدل مسيرة الحزب على مدار العقود الماضية، انه ركز على بناء المؤسسات الحزبية الخاصة به، وكان على الدوام رافضا لمشاريع اعادة البناء المهمة في البنى التحتية وغيرها، ووقف عائقا امام تطوير والنهوض بالمناطق الشعبية في الضاحية الجنوبية، تحت التهديد بالسلاح، كما حصل مرارا، وما جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أُدين بارتكابها، اكثر من عنصر بالحزب من المحكمة الدولية الخاصة، إلا دليلا قاطعا على رفض الحزب مسيرة اعادة اعمار وتطوير لبنان، الذي كان رفيق الحريري يتولاها بكل اهتمام وحرص، للنهوض بالبلد نحو الافضل وهو ما كان الحزب وحلفاؤه يرفضون ويقفون ضده باستمرار قولا وفعلا.
لذلك، فإن هكذا شعارات رنانة لمناسبة الانتخابات النيابية، لم تعد تنطلي على اللبنانيين، باستثناء الحزبيين والمنتفعين، بعد التجارب المخيبة للامال مع الحزب في هذا الخصوص، وأقوى دليل هو ما اسفرت عنه ممارسات الحزب مع حلفائه بالسلطة، من تدهورالأوضاع إلى ما هي عليه الآن، جراء ممارسات الاستقواء بالسلاح والاصطفافات الإقليمية المرفوضة من اكثرية اللبنانيين، وتعطيل عمل الحكومات، في حين تزيد حدة المواقف واتهامات الارتهان والتخوين للخصوم المعترضين على وجود السلاح الايراني غيرالشرعي، في توسيع هوة الخلافات والانقسامات الداخلية، واستعصاء حل الازمات والمشاكل المتعددة الاوجه التي يواجهها لبنان حاليا.
فحماية لبنان، تتطلب سلوك الطريق الاقصر، وهو انتظام جميع الاطراف تحت مظلة الدولة ومؤسساتها الشرعية، ووضع السلاح غير الشرعي للحزب في عهدة الجيش اللبناني والقوى الامنية وحدها، وازالة كل مظاهر التفلت والتمرد على الدولة وتجاوز سلطتها وقوانينها، وتحقيق مصالحة وطنية بين الجميع وبدء مرحلة جديدة في تاريخ لبنان، والا ستبقى الشعارات مجرد وعود مزيفة وفضفاضة مرحلية، تذهب إدراج الرياح، مع انتهاء الانتخابات كما يبدو حاليا.