كتب عماد مرمل في “الجمهورية”:
بَدت زيارة رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان إلى موسكو قبل أيام، لافتة في توقيتها ودلالاتها، خصوصاً انها أتت في عز الانخراط الروسي في الحرب مع أوكرانيا.
على رغم انّ وزير الخارجية سيرغي لافروف منشغل بـ»الجبهة السياسية» في هذه الحرب، ويقود ما يشبه «غرفة عمليات» دبلوماسية لمواكبتها، الّا انّ ذلك لم يمنعه من تخصيص نحو خمسين دقيقة للاجتماع مع أرسلان قبل أن تُستكمل النقاشات مع نائبه والمبعوث الخاص للرئيس الروسي الى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ميخائيل بوغدانوف في حضور الوفد المرافق الذي ضَمّ الوزير صالح الغريب وعضوي المجلس السياسي في الحزب علمان الجردي ومسؤول العلاقات الخارجية والملف الروسي محمد المهتار، ومستشار أرسلان المحامي فرحان أبو حسن.
وقد شرح لافروف لارسلان دوافع الحرب ضد أوكرانيا وأهميتها الحيوية بالنسبة إلى الأمن القومي الروسي، مؤكداً انّ التطورات الدولية لا تسمح باستمرار الاحادية الأميركية، ومشددا في معرض التطرّق الى العقوبات الاقتصادية المتخذة ضد روسيا على انّ العالم هو بحاجة إلينا وليس العكس.
ولفت أرسلان من جهته الى انّ القرار الجريء الذي اتخذه الرئيس فلاديمير بوتين بالتدخل العسكري في سوريا عام 2014، لم يساهم فقط في إفشال المؤامرة عليها، بل شكّل بداية لكسر الهيمنة الاميركية على المنطقة، مؤكداً ان دعم محور المقاومة سيكرّس هذا الاتجاه نحو إنهاء أحادية واشنطن.
واشار الى ان انفتاح بعض دول الخليج على الرئيس السوري بشار الأسد يمثّل بداية جيدة لتنفيس الاحتقان العربي، مؤكدا ان موسكو تستطيع أن تؤدي دورا كبيرا في إعادة العلاقات بين الدول العربية الى طبيعتها لأنّ علاقتها جيدة مع الجميع، وهذا يمكن أن يكون مدخلا لإعادة اعمار سوريا ومن ثم إعادة النازحين.
وعند الوصول إلى الشأن اللبناني، اعتبر لافروف انّ الموقف الرسمي من الحرب الروسية – الاوكرانية «فظيع جدا»، فأكد له أرسلان ان هذا الموقف جرى تهريبه وهو لا يعبّر عن رأي غالبية الشعب اللبناني وغالبية المجلس النيابي.
وخلال اللقاء مع بوغدانوف، توقف أرسلان عند ضرورة حصول استثمارات روسية في لبنان، معتبراً ان هذه الاستثمارات لا تساعد فقط في إيجاد حلول اقتصادية لبعض أزماتنا، وإنما من شأنها أيضاً ان تساهم في تحرير القرار اللبناني من الهيمنة الأميركية، داعياً موسكو الى ان تبقى على اهتمامها بالاستثمار وان لا تتأثر بحالة اللاقرار السائدة على مستوى الدولة اللبنانية.
ومع اقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي في منتصف أيار المقبل، كان لافتاً انّ بوغدانوف سأل ضيفه: هل ستحصل الانتخابات النيابية؟ فأتاه الجواب بأن كل شيء أصبح جاهزاً على المستويين الدستوري والقانوني لإجراء الانتخابات في موعدها، الّا اذا حصل تطور دراماتيكي فرضَ تأجيلها.
واستفسر بوغدانوف عن المشهد السياسي المتوقع الذي ستفرزه الانتخابات، فقيل له إنه لن تحصل تغييرات اساسية، وبالتالي سيصل الى المجلس النيابي الجديد شخصيات معادية للهيمنة الأميركية واخرى مؤيدة لها، «ونحن سنعمل انطلاقاً من موقعنا بالتعاون مع حلفائنا حتى تظل القوى المناهضة للأميركيين هي الأكثرية النيابية».
وجرى كذلك التطرق الى مقاطعة تيار المستقبل للانتخابات وما يمثّله سنياً، حيث اشار بوغدانوف الى انّ هذه المقاطعة قد تكون مؤثرة، كاشفاً عن «اننا حاولنا مع السعودية لمعالجة الأمر لكننا لم نقدر…».