كتب المحرر السياسي في IMLebanon:
تسبّب تصريح نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بصدمة لدى الرأي العام اللبناني عندما أعلن أن الدولة ومصرف لبنان مفلسان. وإذا كانت الإيضاحات من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحاكم مصرف لبنان ضرورية، فإن تراجع الشامي وتبريره غير كافيين بعد صدور مثل هكذا تصريح كارثي من رئيس الوفد اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بحسب مصادر اقتصادية ومالية متابعة، وخصوصاً أن هذا التصريح انتشر بقوة على كل وسائل الإعلام العربية والغربية وباتت إزالة مفاعيله أشبه بمهمة مستحيلة!
وتشرح المصادر المبدأ الاقتصادي العالمي وهو أنه لا يُمكن لدول أن تُفلس لأن كل دولة تملك من الأملاك والأصول ما يمنعها من أن تُفلس. فأي دولة في العالم ليست شركة خاصة ليمكن ان ينطبق عليها مفهوم الإفلاس، ولبنان إحدى هذه الدول التي تعاني حالياً انهياراً مالياً واقتصادية غير مسبوقة وأزمة مستفحلة لأسباب متشعبة ومعقدة، ولكن هذا لا يمكن أن يوصل إلى خلاصة أن لبنان دولة مفلسة ولا أن مصرف لبنان مفلس. فبكل بساطة إذا لجأت الدولة اللبنانية إلى خصخصة قطاعاتها مثل الكهرباء والاتصالات والنقل وغيرها لأدخلت إلى خزينتها مليارات الدولارات إضافة إلى مداخيل ثابتة من الضرائب نتيجة عمل مثل هذه المؤسسات، من دون ان ننسى الوفر الذي تحققه الخزينة من الخسائر التي تتكبدها جراء سوء الإدارة العام كما هي الحال على سبيل المثال مع مؤسسة كهرباء لبنان التي تتسبب بخسارة سنوية تتراوح بين 1.5 و2 مليار دولار. كما أن تنشيط مثل هكذا قطاعات عبر الخصخصة يحرّك الاقتصاد ككل ويخلق نمواً وفرص عمل ما ينعكس على مداخيل الدولة أيضاً.
وتكمل المصادر: تحدثنا عن احتمالات الخصخصة ولن نغفل أن مجرد القيام بالإصلاحات اللازمة في كل القطاعات من وقف التهريب عبر الحدود بالاتجاهين ووقف التهرّب الضريبي وترشيق حجم القطاع العام وغيرها من الخطوات البسيطة يمكن أن يوفر على الدولة ملايين الدولارات سنوياً.
إنطلاقاً من كل ما سبق تؤكد المصادر أنه من غير الجائز علمياً الحديث عن إفلاس أي دولة وخصوصاً لبنان، وهذا ينعكس بالمنطق نفسه عن عدم جواز الادعاء بأن مصرف لبنان مفلس، وخصوصا أنه لا يزال يقوم بدوره ولو بالحد الأدنى، وبمجرد انتعاش الدولة ستعود لتسديد مستحقاتها لمصرف لبنان فيعود إلى حاله الطبيعة ما ينعكس أيضاً على كل القطاع المصرف. وهذا الشرح يؤكد بأن مفتاح الحل يبدأ في السياسة وعبر الدولة والإصلاحات الجذرية المطلوبة.
بناء على كل ما تقدّم تسأل المصادر: هل يجوز أن يبقى الشامي على رأس الوفد اللبناني الذي يفاوض صندوق النقد أم يجب على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المباشرة بالبحث عن بديل في ظل خطيئة الشامي المرشحة للتكرار بفعل أنه يفرط في إعطاء المقابلات والتصريحات بشكل غير مبرر إلا بمنطق حب الظهور وهو ما أوقعه في المحظور؟ الثابت أن ما حصل لا يمكن وصفه بأقل من خطيئة لا يمكن التساهل معها مهما كثرت التبريرات حتى لا تتكرر وتكون نتائجها وخيمة.