Site icon IMLebanon

هل يوعز الحريري بالمقاطعة الشعبية؟

كتبت صفاء درويش في “الجمهورية”:

حتى الساعة لا تزال الأمور لدى جمهور «المستقبل» ضبابية بعض الشيء. معظم استطلاعات الرأي في المناطق السنّية تقول إنّ المشهد غير واضح، وانّ المقاطعة سيّدة الموقف مع سعي لتسجيل خروقات.

من بيروت الثانية إلى صيدا إلى طرابلس وكذلك اقليم الخروب، دوائر يصعب فيها توقّع نسبة مشاركة الجمهور الذي اقترع لصالح لوائح «تيار المستقبل» عام 2018، كما يصعب تحديد وجهة تصويت الذين قرّروا المشاركة اليوم.

هذه الضبابية مردّها إلى موقف الرئيس سعد الحريري غير المكتمل بالنسبة إلى جمهوره. فالحريري قاطع الإنتخابات شخصيًا وسياسيًا، ولكنّه لم يدعُ جمهوره إلى المقاطعة، كما لم يدعُه إلى المشاركة. قد يكون تقصّد إبقاء الأمر مبهمًا لفترة.

ما زاد المشهد تعقيدًا أنّ عددًا من القيادات السنّية، أكان رؤساء الحكومات السابقين، أم حتى المفتي دريان، قد توجّهوا للجمهور السنّي عمومًا بضرورة المشاركة والتصويت وعدم الإنكفاء. هنا تولّد شعور لدى قيادات مستقبلية قريبة من الحريري أنّ هناك سعيًا فعليًا لاستثمار خروج الحريري بإيحاء خارجي، هدفه إظهار أنّ الساحة السنّية لا تتأثّر بغياب زعيمها!

هذا الإرباك المترافق مع صمت الحريري شخصيًا دفع ببعض المؤثرين في أجواء التيار إلى العمل بالعلن والخفاء على دعم عدد من اللوائح والشخصيات المرشحة التي دارت وتدور بفلك «المستقبل». في بيروت الثانية بات واضحًا أنّ لائحة رئيس نادي «الأنصار» نبيل بدر تنال دعمًا فعليًا من أحد المقرّبين من الحريري، والذي بات يقوم بجولات داخل أحياء الطريق الجديدة، داعيًا للتصويت لبدر. حتى أنّ بدر شخصيًا، وبعد وروده تقريرًا عن ضعف أرقامه قبل شهر ونصف من الانتخابات، سارع إلى تغيير ماكينته الانتخابية مستعينًا بماكينة مستقبلية الهوا والأسماء، إذ تستخدم داتا أسماء واتصالات «هُرّبت» من مكاتب التيار!

أمّا في صيدا، فالمشهد مشابه بعض الشيء، إذ انّ المرشّح يوسف النقيب، المُحارب من قِبل أمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري، تشير المعلومات الى أنّ جو التيار في صيدا يميل نحوه. الأمر نفسه ينطبق على عدد من المرشحين في دائرة الشمال الثانية (طرابلس المنية الضنية).

وبحسب المعلومات، فإنّ قيادة «المستقبل» غير راضية عن هذا التفلّت الحاصل، وأنّ نصائح عديدة وُجّهت إلى الرئيس الحريري للإيحاء بأنّه منزعج مما يحصل، وأنّ عليه القيام بخطوة ما لترجمة هذا الإنزعاج في العلن، كون جمهوره الذي يشعر أنّه ظُلم بمغادرة الحريري الساحة، سيتجاوب معه على الفور مقاطعًا الإنتخابات ومنكفئًا عن التصويت لصالح ورثة الحالة!

الأمر ذو الحساسية هنا هو التوقيت، وربّما هذا ما ينتظره الرئيس الحريري. فالدعوة إلى المقاطعة قبل أشهر كانت لتدفع بالقيادات السياسية نحو تأجيل الإنتخابات بشكل واضح وصريح، أمّا قيامه بالخطوة بعد أسابيع من الآن، قد تجنّب البلاد تأجيل الإنتخابات، لأنّ إجراءها سيتحوّل إلى أمر واقع.

فهل يفعلها الحريري ويوعز بضرورة المقاطعة، أم أنّه سيترك لجمهوره خيار تولية من ولّوا أنفسهم دون أن يولّيهم الحريري بنفسه؟ الكفّة بدأت تميل للخيار الأوّل بشكل أوضح.