كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
يقف اللبناني على “الشوار” في ضخّ الطحين للإستهلاك المحلي بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية، وصعوبة فتح الإعتمادات من مصرف لبنان لإدخال القمح، فكيف بالحري مع وصول باخرة قمح الى البلاد وتفريغ المحتوى في صوامع إحدى المطاحن، ليتبين بعدها أنها قد تكون غير مطابقة للمواصفات ويشوب المادة “التكتّل والعفن”، فتوقف على الأثر توزيع الطحين على الأفران واندلع فصل جديد من مسلسل أزمات الرغيف؟
وفي التفاصيل أن تلك الباخرة تعود الى شركة “التاج” التي تبحر منذ نحو شهر في البحار بظروف مناخية صعبة، ونظراً الى قدم الباخرة تسربت اليها المياه رغم إقفال العنابر، وتبين لدى وصولها في الفحص الأولي أن القمح متكتّل بعض الشيء وأنّ هناك نوعاً من العفن فيه علماً أن تلك الحالة قابلة للعلاج باعتراف الأخصائيين.
ولما وصلت الى الشاطئ اللبناني، تمّت “رصرصة” تلك المادة في مطحنة تغذّي 4 مطاحن أخرى، لكن فور نشوء إشكالية “المطابقة” تمّ ختمها بالشمع الأحمر كي لا يصار الى استخدامها.
وعادة تتحقّق وزارة الزراعة من المادة قبل دخولها الى البلاد باعتبار أنها المسؤولة عن نوعية الغذاء، وبعدها يتمّ نقلها الى المطاحن وتصبح في عهدة وزارة الإقتصاد.
وفي هذا السياق، اوضح مدير عام الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جرجس برباري لـ”نداء الوطن” أنه “اذا لم يتسبب التعفن بسموم يبقى القمح صالحاً للإستهلاك البشري، وهذا ما أثبتته الفحوصات التي جرت على عيّنات أرسلت الى لجنة الأبحاث الزراعية في تربل التي يرأسها د. وليد افرام، ومختبر الجامعة الأميركية في بيروت حيث جاءت النتيجة مطابقة للمواصفات، ما وسّع رقعة الشكوك”.
ووسط تلك الجدلية، أشار برباري الى أنه “تمّت إحالة الملف الى القضاء ليبنى على الشيء مقتضاه”، لافتاً الى أنه “وسط إشكالية صالحة أو غير صالحة للإستهلاك البشري، أصبحت القضية اليوم في منحى آخر، وتدور في حلقة ما اذا كان يمكن التصرف بها اذا كانت مرصرصة (أي موجودة في الصوامع، وهي عبارة عن عواميد كبيرة يفرغ فيها القمح وتتضمن باباً في اسفلها لإدخال القمح الى المطحنة) قبل التوصّل الى نتيجة، ما دفع بالقاضي الى ختم باب الصومعة بالشمع الأحمر بانتظار اتخاذ القاضي القرار المناسب”. وسأل برباري عن سبب إثارة تلك المشكلة في هذا التوقيت وما رافقها من ضجة كبيرة؟
وبانتظار القرار القضائي الذي يمكن تعجيله باعتباره قراراً استثنائياً في ظروفنا الأكثر من استثنائية، هل ستنفد المادة في السوق المحلية؟
أكّد برباري أن “هناك شحّاً في مادة القمح في ظل صعوبة فتح الإعتمادات من مصرف لبنان والحرب الأوكرانية، وكمية القمح القليلة الموجودة. وبذلك تراكمت الأمور كلها فوق بعضها، علماً أنه من غير المعلوم كم سيستغرق من الوقت صدور القرار القضائي”، مؤكّداً أن “القمح مطابق للمواصفات بشهادة نتائج الفحوصات التي أجريت عليه”، علماً أنه كلّما طال الوقت على وجود القمح في الصومعة ستزيد كمية العفن، ولذلك هناك ضرورة ملحة للبت بالقرار بأقصى سرعة ممكنة قبل فوات الأوان.