جاء في “الشرق الأوسط”:
جَمَعَ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حليفيه المتخاصمين رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في لقاء ينظر إليه على أنه يسعى “لترتيب العلاقات بين الحلفاء” و”خفض سقف” التباينات استعداداً لمواكبة المرحلة المقبلة في الانتخابات النيابية وما بعدها.
وأعلنت العلاقات الإعلامية في حزب الله أمس السبت، أن نصرالله استضاف على مائدة الإفطار يوم الجمعة فرنجية وباسيل “بحضور عدد من القيادات المعنية”، قائلة إن “اللقاء فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”.
ويُوصَف فرنجية وباسيل بأنهما “حليفان لدودان للحزب”، وهما مرشحان لرئاسة الجمهورية ويتحدران من منطقتين قريبتين من شمال لبنان، وتفرق بينهما تباينات عميقة حالت من دون تحالفهما انتخابياً في عام 2018 كما في الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في 15 أيار المقبل. ويعد هذا اللقاء الأول بين الطرفين منذ سنوات، وتلا مرحلة تقديم القوائم التي أعلنت وزارة الداخلية إقفال باب تسجيلها الأسبوع الماضي، فيما فشلت جميع المساعي لترتيب تحالف بين الطرفين في أي دائرة انتخابية، وصولاً إلى عكار.
وأحيطت نتائج اللقاء بتكتم شديد من قبل كل الأطراف المعنية به، لكن مؤشراته بدت أكثر وضوحاً كون اللقاء ورد بعد الانتهاء من مرحلة الإعداد للانتخابات النيابية وإنجاز التحالفات فيها. وتحدثت معلومات عن أن نصرالله يسعى منذ فترة لجمع حليفيه، من ضمن مساعٍ أخرى لتضييق مساحات التباين بين جميع حلفائه وتقريب وجهات النظر بينهم.
ولم تطل التباينات في السابق بين حلفاء الحزب، القضايا الاستراتيجية. وعلى الرغم من الخلافات السياسية والصراعات الانتخابية بين تيار المردة والتيار الوطني الحر، بقيت مساحة مشتركة بينهما هي تحالفهما مع الحزب. وكان فرنجية أكد أخيراً في حديث تلفزيوني، أنه لا يهمّه حماية جبران باسيل، ولا أن يلغيه، وأن “مصلحة حليفي اللدود أهم من خصمي الاستراتيجي”.
ولا يبدو أن اللقاء مرتبط بالانتخابات التي انتهى الإعداد لها، إذ يرى الباحث السياسي المتابع لملفات حزب الله قاسم قصير أن الجلسة بين الأطراف الثلاثة “هي لقاء لما بعد الانتخابات”، إذ “يريد الحزب تنظيم صفوف حلفائه لتلك المرحلة اللاحقة، ويشكل بالتالي تحالفاً منظماً يستطيع إدارة الأمور والملفات في مرحلة ما بعد الانتخابات”.
وتنطلق التفاهمات المسبقة من أولوية حشد طاقات حلفاء الحزب استعداداً للمرحلة المقبلة ومواكبتها. ويقول قصير إن الحزب “يرتّب صفوفه وصفوف حلفائه لتلك المرحلة التي تتطلب مواقف موحدة، ويسعى لتخفيف التباينات”، مضيفاً أنه على ضوء نتائج الانتخابات سيتبلور كثير من الأمور، من المشاركة في الحكومة إلى التفاهم على إدارة الملفات، وتتطلب أن تكون هناك رؤية مشتركة بمعزل عن التباينات، ويشير إلى أن هذا اللقاء يندرج ضمن مساعي الحزب لإيجاد مساحات مشتركة بين حلفائه، وهي مهمة يعمل عليها منذ فترة.
وتتضمن فترة ما بعد الانتخابات استحقاقات كثيرة، بينها المفاوضات النهائية مع صندوق النقد الدولي، وتأليف حكومة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، فضلاً عن ضرورة حل ملفات عالقة مثل ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل واستخراج الطاقة من لبنان.
ويرفض قصير القول إن اللقاء مرتبط بالانتخابات الرئاسية المقبلة، قائلاً إن الاستحقاق المقبل “مرتبط بظروفه والمؤثرات الداخلية والخارجية”. ويضيف، “إذا حصلت الانتخابات بظروفها الطبيعية نتيجة المعطيات، فإن الحزب يحتفظ بورقتي قوة هما ورقة فرنجية وورقة باسيل، لكنه لا يعطي وعوداً لأحد من الطرفين ولا يتخلى عن الآخر”، لافتاً إلى أن الحزب “يتصرف الآن على قاعدة أن الوقت ليس مناسباً للحديث في الانتخابات الرئاسية قبل الانتهاء من الانتخابات النيابية”.