يحقق تطبيق تيك توك تفوق على تويتر وسناب شات مجتمعَين في حجم الإعلانات على مستوى العالم هذا العام، وللحاق بموقع يوتيوب في غضون عامين، إذ يجعله المراهقون والشباب من أهم التطبيقات الاجتماعية في الوقت الحالي، وهذا يقلق فيسبوك بشدة.
إذ يُتوقع أن يلحق موقع مشاركة مقاطع الفيديو المملوك للصين بموقع يوتيوب بحلول عام 2024، حين يُتوقع أن يحقق كلاهما 23.6 مليار دولار من عائدات الإعلانات، رغم أن تطبيق تيك توك انطلق بعد 12 عاماً من انطلاق منافسه يوتيوب المملوك لشركة جوجل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ومؤسس تطبيق تيك توك هو رائد الأعمال والملياردير الصيني زانغ يمينغ، ويستند اسم التطبيق إلى المثل الصيني حول “مفاجأة الجميع بمحاولة أولى”، وفقاً لصحيفة South China Morning Post.
والعام الماضي، تفوق تيك توك على الحصة الإعلانية العالمية لـ”سناب شات”، الذي كان في السابق الوجهة الرقمية المفضلة للمراهقين والشباب في سن العشرينيات، وبحلول نهاية هذا العام سيكون قد تفوق على تويتر. وهذا العام، يُتوقع أن تتضاعف عائدات إعلاناته على مستوى العالم ثلاث مرات، لتصل إلى 11.6 مليار دولار، أي أكثر من عائدات سناب شات وتويتر مجتمعَين والتي تبلغ 10.44 مليار دولار.
وقد وصل تطبيق تيك توك إلى المليار مستخدم عام 2021، بعد أربع سنوات من انطلاقه عالمياً، أي بعد نصف الوقت الذي استغرقه فيسبوك أو يوتيوب أو إنستغرام، وأسرع من واتساب بثلاث سنوات. ومطلع هذا الأسبوع، عدّل محللون في موقع data.ai تقديرهم بأن تيك توك سيصل إلى 1.5 مليار مستخدم نشط شهرياً هذا العام، بعد أن كشف تحليلهم أنه تجاوز هذا الرقم بـ100 مليون مستخدم خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
وأصبح تيك توك أيضاً من المواقع الإدمانية. فرغم أنه يُفترض أن يقتصر استخدامه على من تبلغ أعمارهم 13 عاماً أو أكثر، فنحو 16% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وأربعة أعوام يشاهدون محتوى تيك توك، وفقاً لبحث أجرته هيئة Ofcom المنظمة للإعلام. وارتفع هذا الرقم إلى 29% من جميع الأطفال في الفئة العمرية بين 5 و7 سنوات.
والعام الماضي، كان مستخدمو تيك توك يمضون في العادة 19.6 ساعة في المتوسط شهرياً على التطبيق، وفقاً لموقع data.ai، وهذا يعادل فيسبوك، الموقع الرائد عالمياً في الوقت الذي يقضيه المستخدمون على الشبكات الاجتماعية. وهذا يمثل لموقع تيك توك زيادة بمقدار خمسة أضعاف تقريباً في أربع سنوات فقط، أي ارتفاعاً من 4.2 ساعة عام 2018.
يقول سام أوبراين، كبير مسؤولي التسويق بشركة تسويق الأداء Affise: “لطالما كان فيسبوك أكبر منافس في هذا الشأن. ولكن يبدو أنه لا يستطيع إقناع المستخدمين المخلصين لتيك توك بالعودة إليه. فقد اكتشف تيك توك طريقته المميزة لمنح منصته خصائص إدمانية”.
على أن شركة ميتا التي يترأسها مارك زوكربيرغ، لا تزال مهيمنة على السوق، فلدى فيسبوك 2.9 مليار مستخدم نشط شهرياً، و2 مليار مستخدم آخر على إنستغرام، وتتوقع شركة أبحاث التسويق Insider Intelligence أن تصل عائدات إعلاناتهما عام 2024 إلى 85 مليار دولار و82 مليار دولار على التوالي. ومع ذلك، اتضح الشهر الماضي أن الخوف من تيك توك دفعها إلى توظيف شركة علاقات عامة لتصوير الشركة على أنها “تهديد حقيقي، خصوصاً أنها تطبيق مملوك لأجانب”.
يقول أوبراين: “من الواضح أن ميتا ترى نفسها في معركة مع تيك توك لجذب قلوب وعقول واهتمام جيل الألفية، الذي هو جزء كبير من سوق الشبكات الاجتماعية. فقد شهدت تيك توك نمواً مذهلاً في عدد المستخدمين منذ بداية الجائحة العالمية، واستحوذت على شريحة كبيرة من جمهور منافسيها”.
وتهدف تكتيكات ميتا إلى استغلال الشكوك التي روجتها إدارة ترامب بأن الشركات الصينية، من شركة الاتصالات العملاقة هواوي إلى شركة ByteDance، الشركة الأم لشركة تيك توك، تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي على اعتبار أنها ربما تكون قنوات لنقل البيانات الشخصية إلى بكين.
وقد ارتفع إجمالي عائدات ByteDance، التي تشمل عملياتها في الصين وأعمالها التجارية داخل التطبيقات والتجارة الإلكترونية، بنسبة 70%، العام الماضي، إلى نحو 58 مليار دولار، من 34.3 مليار دولار عام 2020.
ورغم أن ميتا لا تزال شركة أكبر بكثير وارتفعت إيراداتها بنسبة 37% العام الماضي، لتصل إلى 118 مليار دولار، يشعر زوكربيرغ بضرورة شن هجوم تجاري مضاد لدعم وتنويع نموذج شركته القائم على الإعلانات.
وميتا، التي تسرع دوماً إلى تقليد الابتكارات الناجحة لمنافسيها، تدرس إطلاق عملات افتراضية، يطلق عليها الموظفون “Zuck bucks”، لمستخدمي فيسبوك وإنستغرام لشرائها واستخدامها، في استراتيجية شديدة الشبه بتلك التي استخدمها تيك توك بنجاح كبير.
ومطلع الأسبوع الماضي، تبين أن تيك توك هو الآن التطبيق الأكثر ربحاً في العالم لعمليات الشراء داخل التطبيق. إذ أنفق مستخدمو تيك توك 840 مليون دولار على عملته الافتراضية “كوينز”، التي تستخدم لدعم مقدمي المحتوى والترويج لمقاطع الفيديو، في الربع الأول، بزيادةٍ قدرها 40% على أساس سنوي.
تقول ليكسي سيدو، رئيسة الإحصاءات في موقع data.ai، الذي نشر التقرير: “هذا الربع هو الأكبر لأي تطبيق أو لعبة على الإطلاق. فهو أول تطبيق يتفوق على لعبة في إنفاق المستهلك في ربع معين”.
وتأتي خطط زوكربيرغ لتنويع العائدات في أعقاب الإطلاق الفاشل لتطبيق Lasso الشبيه بـ”تيك توك” عام 2018، والذي أغلق بعد 18 شهراً فقط من إطلاقه.
على أن ميتا حافظت على ميزة مقاطع الفيديو القصيرة (الريلز)، التي أطلقتها على إنستغرام عام 2020 وفيسبوك، العام الماضي.
ولكن رغم مساعي ميتا، لا تظهر أي علامات على أن الزخم الذي يكتسبه تيك توك يتراجع.
بعض الشباب أغلقوا حساباتهم على فيسبوك تماماً
يقول جيمي ماك إيوان، كبير محللي الإعلام في شركة إندرز: “بعض الشباب أغلقوا فيسبوك بالكامل.
وفي المملكة المتحدة، يمضي من تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً وقتاً على تيك توك يساوي ما يقضونه على فيسبوك وإنستغرام وواتساب مجتمعة. وتيك توك هو الأسرع نمواً في الوقت الحالي، ومنتشر على نطاق واسع، وهو الأفضل للمشاهدة”.