IMLebanon

معادلة “إيرانية” تحكم لبنان: نزيف اقتصادي واستقرار بالجنوب

كتب منير الربيع في “المدن”:

تتدحرج مجددًا سلسلة الأزمات المعيشية والإنسانية في لبنان، كأنما لا نهاية في الأفق لهذه السلسلة المتدحرجة. فكل قطاع يعاني من مشاكل دورية متفجرة: من الخبز والطحين، إلى الأدوية، وصولًا إلى التعليم والإضرابات الإدارية والديبلوماسية. وهذا يفصح عن أن لبنان مقبل على مزيد من تداعي مؤسساته وتحللها، ويلمسه اللبنانيون في كل يوم.

إلى جانب هذه السلسلة اليومية التفصيلية، ثمة مسارات أكثر بعدًا على الصعيد الإقليمي. وهذا تشهد عليه الحركة الديبلوماسية المستجدة في لبنان، خصوصًا التحركات التي يقوم بها سفراء الخليج، ربطًا بمساع واضحة لتفعيل الحركة الانتخابية، ومواكبتها خارجيًا بالتنسيق مع الفرنسيين والأميركيين.

خطوة استباقية؟

لا بد من موازنة عودة سفراء الخليج إلى لبنان وحركتهم في الداخل، مع تطورات خارجية. وهنا ثمة وجهتا نظر: الأولى تعتبر أن العودة مرتبطة باحتمال اتفاق نووي أميركي- إيراني. وهذا يحمل دول الخليج على تعزيز حضورها إقليميًا، لاسيما في لبنان. وجهة النظر الثانية تعتبر أن استبعاد الاتفاق النووي بسبب العقبات الكثيرة، هي التي حتّمت تسريع عودة السفراء لتحضير الأرضية اللازمة وتجميع الأوراق، استعداداً لطرح الملف اللبناني على الصعيد الإقليمي.

ويتضح حتى الآن أن الإيرانيين والأميركيين يسعون إلى إنجاز الاتفاق. تظهر ذلك المواقف الأميركية والإيرانية، على الرغم من معوقات تؤخر توقيعه. وهناك من يشدد على أن عودة السفراء خطوة استباقية لحصول الاتفاق، وبالتالي القيام بمبادرة تحرز تقدمًا في المواقع للحفاظ على الأوراق وانتظار لحظة البازار، للحضور بشكل مؤثر عند حصوله.

لبنان واليمن

يشير الموقف الإيراني الواضح حيال حرب اليمن إلى آلية عمل إيران في هذا المجال: تكرار مطالبة السعودية بضرورة محاورة الحوثيين مباشرة. وهذا ما قاله أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله للسعوديين، بأن عليهم محاورة اليمنيين مباشرة لا اللجوء إلى حلفائهم للضغط عليهم.

لكن السعودية تعتبر أن هذا تنصل من البحث الجدي في حلّ الأزمات، ما دام قرار حلفاء إيران في طهران. وعلى الرغم من ذلك لجأت السعودية إلى تشكيل المجلس الرئاسي في اليمن. وفي السياق نفسه تحاول استعادة بعض الأوراق في سوريا. وهي تستعيد حركتها في لبنان تحضيرًا واستعدادًا للمرحلة المقبلة.

بانتظار الاتفاق النووي؟!

السلوك الإيراني معهود في التعامل مع المسائل الإقليمية. فطهران لا تضع نفسها في الواجهة، وتوكل المهمة إلى حلفائها لتبقى خلف المسرح. وفي حال حصل الاتفاق النووي تنعكس مفاعيله أولًا على اليمن، ثم في العراق وسوريا.

أما لبنان فلا يزال مسرحًا غير ساخن. إذ يبدو أن هناك تفاهماً على إبقاء الوضع على ما هو عليه: استقرار في الجنوب، ونزيف يومي على الصعيدين المالي والاقتصادي. وطالما الاستقرار مستتب جنوبًا يظل لبنان خارج سلّم الأولويات، إلى أن يحين موعد البحث في المعضلة اللبنانية.

لا بد من توفر ظروف موضوعية للبحث في الحلول: الاتفاق النووي قد يساعد على خلق أرضية للبحث عن صيغة جديدة، تكون فاتحة لمعالجة سياسية، واقتصادية، ودستورية. وربما تنحية الجانب العسكري أو ضموره بحكم التطورات والأمر الواقع.

أما في حال عدم توقيع اتفاق نووي، فلبنان معرض لاحتدام المواجهات. لذلك فإن التحركات السياسية والديبلوماسية في لبنان تتخطى الانتخابات النيابية. إنها استعدادات للمرحلة المقبلة في ظل الاحتمالين: اتفاق نووي ومن دونه. وعليه، التحولات أكبر من الاستحقاقات الانتخابية، نيابيًا ورئاسيًا.