عبر رئيس الوزراء العراق، مصطفى الكاظمي، عن أمل في مقابلة أجراها كاتب مقالات الرأي لصحيفة “واشنطن بوست”، ديفيد إغناطيوس قائلا “منطقتنا لا يمكنها أن تتحمل أي حروب إضافية.. نحتاج صفقة تجلب بعض السكينة للمنطقة”.
ونقل إغناطيوس عن الكاظمي رغبته في تحقيق السلام، بالأخص مع تواجد العراق على الخط الفاصل بين الصراع العربي وإيران، معبرا عن رغبته بأن يصبح عراقا متنوعا وديمقراطيا وجسرا لتحقيق السلام.
يأمل رئيس الوزراء العراقي أن تشكل اتفاقية نووية جديدة الخطوة الأولى لخفض التوتر.
وأكد الكاظمي رغبته في استمرار الدعم الأميركي، الذي يضم تواجد عناصر غير قتالية، للمساهمة في استقرار العراق، ويقول: “نحن نؤمن بعمق بعلاقتنا مع الولايات المتحدة. كدولة ساعدتنا في التخلص من الديكتاتورية وأيضا.. المساهمة في دفع النظام الديمقراطي قدما”.
ويشير إغناطيوس في مقاله إلى أن الوضع بدا طبيعيا في بغداد حيث أجريت المقابلة، ولكن في قاعدة عين الأسد الواقعة على بعد 160 كلم شمال غربي العاصمة العراقية، “يمكنك رؤية كيف يظل التوازن في العراق هشا”.
ويضيف الكتاب أن قبل ثلاثة أيام من زيارته للقاعدة، أي في 8 أبريل الجاري، أسقطت طائرة “شاهد- 131” المسيرة من تصنيع إيران خلال دخولها الجزء الأميركي من القاعدة العسكرية.
ويقول إغناطيوس إن الطائرة المسيرة المحملة بالشظايا ومتفجرات قوية لم تكن تستهدف قتل أميركيين في القاعدة فحسب، بل استهدفت التواجد الأميركي، وبصورة غير مباشرة التحالف بين واشنطن وبغداد والعراقيين الآخرين الذين ينددون بالتدخلات الإيرانية.
وتوجه الرئيس الجديد للقيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، الجنرال مايكل كوريلا إلى العراق، الأسبوع الماضي، في أولى محطاته قبيل استلام مهامه، وزار أيضا موقع هجوم الأسد رافقه فيها كاتب المقال.
ويشير إغناطيوس إلى أن كوريلا تأثر بحرص الكاظمي على العمل مع الولايات المتحدة. لكن أكثر ما أثار اهتمامه كان التحدث مع قوات عين الأسد الذين أسقطوا الطائرة الإيرانية بدون طيار، وفهم الإجراءات التي اتخذوها بتشغيل أنظمة الأسلحة وما يحتاجون إليه.
وعندما يبدأ كوريلا قيادته، فإنه “سيدرس اللغز الأساسي للقيادة المركزية: ما هي المهام الأساسية التي يمكن أن تعزز المصالح الأميركية في المنطقة، حتى مع تقلص الوجود العام للقوات الأميركية؟”، وفقا للكاتب.
ويقول إغناطيوس إن “كوريلا، الذي أصيب بجروح بالغة في الموصل عام 2005، يعرف أفضل من المعظم مقدار التكاليف الضخمة للعقدين الماضيين من ‘الحروب التي لا نهاية لها’ في العراق وأفغانستان”.
وأضاف أن كوريلا يعلم أيضا أن هذه المنطقة لا تزال هي المكان الذي تتعرض فيه القوات الأميركية لهجمات منتظمة.
ويقول الكاتب إن العراق “هو التحدي الأكثر إثارة للإعجاب ولكن أيضا الأكثر إحباطا في المنطقة”، ودولة كبيرة وخصبة تنعم بالطاقة والموارد الأخرى مع مزيج سكاني ديناميكي من الشيعة والسنة والأكراد.
ويضيف “في الكاظمي، يوجد للعراق زعيم مدعوم بقوة من الدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة ، لكنه يتحدث أيضا مع إيران”.
ويستدل الكاتب على عدد من المشاهد من بينها التدخلات الإيرانية وتراجع المقاعد المخصصة للمليشيات الموالية لإيران خلال الانتخابات العراقية الماضية، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يعود الكاظمي لولاية جديدة.
لكن تشكيل حكومة كان مستحيلا حتى الآن، وفقا للكاتب، إذ ادعى متشددون موالون لإيران. حاولوا اغتيال الكاظمي العام الماضي وشجبوه باعتباره أداة للولايات المتحدة، أن الانتخابات سُرقت. في غضون ذلك، يعارض زعيم إقليم كردستان مسرور بارزاني ولاية جديدة للرئيس برهم صالح، وهو مواطن كردي لكنه عدو سياسي. إنه مأزق جنوني. حتى يتم تشكيل حكومة جديدة ، يظل الكاظمي في السلطة – لكن من دون قوة نسبيا.
ويضيف في مقاله أن الفساد العراقي والتلاعب الإيراني يعزز كل منهما الآخر، مستدلا على أن الكاظمي عند استلامه لمنصبه في عام 2020، حاول تنظيف المكان من خلال تعيين “أقوى شرطي عراقي”، الفريق أحمد أبو رغيف، لإدارة لجنة تحقيق لمتابعة جرائم القتل والفساد التي تقوم بها الميليشيات. لكن تحت ضغط إيراني أمرت محكمة عراقية الشهر الماضي باعتقال أبو رغيف.
ويقول الكاتب إن الكاظمي رفض تنفيذ أمر التوقيف، “لكنه كان مشهدا محبطا”.
وينوه إغناطيوس بأن الوضع قد يزداد سوءا في حال انهيار المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مما يترك الكاظمي في وضع غير مستقر في المنتصف. وحذر مسؤول أميركي من أنه إذا انهارت المحادثات، “فمن المرجح أن يكون العراق ضحية”.
ويقول الكاتب: “عندما سألتُ الكاظمي عن جدول أعماله إذا حصل على تفويض جديد كرئيس للوزراء، أجاب على الفور: ‘تعزيز سيادة العراق’ حتى يتمكن من مقاومة المحاولات الخارجية للتلاعب بالبلد”.
وقال إن هدفه الثاني هو ‘فرض احتكار الدولة للسلاح’، وفقا للكاتب الذي يرى أنها ترجمة لنزع سلاح الميليشيات، بالإضافة إلى الإصلاح الاقتصادي والخصخصة.
ويعلق إغناطيوس أن هذه هي الأهداف الصحيحة، آملا أن يتمكن الكاظمي من تحقيقها، ومؤكدا أنه سيحتاج إلى مساعدة الولايات المتحدة.
وينهي مقاله بنقل ما أخبره به عراقي عن تصريحات للرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك: “إذا كنت صديقا للولايات المتحدة، فأنت تنام بلا غطاء”، ويقول إغناطيوس: “إذا انفجرت المحادثات النووية الإيرانية، فسوف تشعر بالبرودة هنا”.