كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:
تتصاعد وتيرة الاتهامات وتُرفع نبرة الخطاب الإنتخابي على بُعد ثلاثين يوماً من تاريخ الخامس عشر من أيار موعد الإستحقاق المزمع إجراؤه، وتسعى الأطراف المتنافسة إلى شد عصب جمهورها لتأمين أكبر نسبةٍ من الأصوات ورفع حاصل لوائحها.
على قدمٍ وساق تجرى الإستعدادات وتعقد اللقاءات في دائرة بعلبك الهرمل، ويجول المرشحون على العائلات والبلدات في سبيل إقناع الناخبين بالتوجه إلى صناديق الإقتراع، فالمعركة اليوم هي معركة حياةٍ أو موت، والمواجهة الكبرى هي مع الولايات المتحدة كما حددها «حزب الله»، ومتهماً كل من يصوت للائحة القوات اللبنانية في المنطقة بأنه يصوت للمشروع الأميركي وحادثة الطيونة، ومع رفع سقف الخطاب الذي بدأه الحزب في سبيل رصّ صفوف القاعدة الشعبية والجماهيرية، بدأت المعركة في الدائرة تأخذ أبعاداً مختلفة.
يجول نواب «حزب الله» الحاليون والمجدد ترشيحهم على البلدات والقرى، ويعقدون اللقاءات مع العائلات وخصوصاً تلك التي اختار أحد أبنائها الترشح والدخول في لائحة بناء الدولة التي تحالفت فيها القوات اللبنانية مع شخصيات شيعية وسنية، وإن كان أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله قد أعلن في انتخابات العام 2018 أنه على استعداد للحضور إلى البقاع لحث الناس على المشاركة والتصويت كون المعركة حينها كانت في أوجها والمواجهة وفق القانون الجديد (النسبي) تفتح الأبواب على كافة الإحتمالات والخروقات في ظل التحالف بين القوات اللبنانية وتيار المستقبل وشخصيات شيعية مستقلة، فإن المعركة اليوم أصعب وأدق، فالمواجهة هي مع القوات اللبنانية مباشرة، والهدف أيضاً رفع الحواصل الإنتخابية لمساندة حلفاء الحزب وايصال مرشحيهم.
وعليه يختار مرشحو الحزب الخطاب الذي يلقى صدىً داخل البيئة الحاضنة للحزب رغم امتعاضها من إعادة ترشيح النواب أنفسهم، مصحوبة بالإنتقادات على الأداء خلال السنوات الماضية والمشاريع التي أنجزوها، وفي تصريح للنائب حسين الحج حسن من بعلبك منذ يومين إعتبر أن «التصويت للائحة القوات اللبنانية هو تصويت للأميركيين، وتصويت لأعداء المقاومة وللذين يتحاملون على المقاومة، لأن القوات اللبنانية هي رأس الحربة في مواجهة المقاومة و»حزب الله»، القوات اللبنانية هي ذات التاريخ الدموي وذات الحاضر المعروف، والقوات اللبنانية المعروفة المواقف هي المسؤولة عن مجزرة الطيونة». واعتبر أن «مرشحي باقي اللوائح، غير لائحة القوات اللبنانية، ليسوا أعداء، بل هم أصدقاء للمقاومة، يمارسون حقهم الديمقراطي، ونحن لا نعتبرهم أعداء ولا خصوماً، أغلبهم وجلهم بل كلهم أصدقاء للمقاومة، وبعضهم او أكثرهم حليف للمقاومة، ولكن نحن ندعو إلى التصويت للائحة الأمل والوفاء».
ورأت مصادر متابعة أن كلام الحج حسن جاء بعد تحسس الحزب دقة المعركة، وكأن البرنامج الانتخابي يقوم على قاعدة مهاجمة الأخصام وكَيل الاتهامات في سبيل اقناع الناخبين لا سيما الشيعة منهم، لا على برنامج انمائي واضح يبدد هواجس الناس ويسد ثغرات المرحلة الماضية، مضيفةً أن النقمة التي يلمسها الحزب داخل بيئته ويتردد صداها على وسائل التواصل الإجتماعي، وعدم حماسة الجمهور للنزول الى صناديق الاقتراع لا يمكن أن تعالج الا عبر شعارات كبرى يحاكون فيها الخطوط العريضة التي يرفض جمهور المقاومة المساس بها، معطوفةً على الجانب الديني والتكليف الشرعي. وأضافت المصادر أن الكلام عن باقي المرشحين من خارج لائحة القوات بأنهم أصدقاء للمقاومة هو تأكيد على عمل الحزب على بعثرة الأصوات المعارضة في المنطقة عبر دعم لوائح مضادة لجذب تلك الأصوات وعدم تصويتها للائحة القوات، متسائلة عن الكيل بمكيالين حول الديمقراطية: فهل المرشحون أصدقاء المقاومة يمارسون حقهم الديمقراطي، ومن هم في لائحة القوات لا حق لهم؟ وختمت المصادر أن الخطاب الذي يتوجه إلى سلاح المقاومة يلقى رد فعلٍ عكسي لدى الجمهور وإن كان يعترض على أداء نواب الحزب، والمطلوب خطابٌ إنمائي مبني على مشاريع تنموية تحاكي هموم الناس وتطلعاتها.
إنخفاض الحماسة الشعبية للتوجه الى صناديق الإقتراع، وحالة الإعتراض التي يتردد صداها على مواقع التواصل الاجتماعي، والإنتقادات التي تطال «حزب الله»، دفعته إلى تكثيف حركته في سبيل إقناع بيئته بالتصويت، حيث تعمل ماكينته الإنتخابية على كافة المستويات، وتنشط في تقديم الخدمات والتواصل مع الناخبين البقاعيين القاطنين خارج الدائرة في سبيل تأمين وسائل النقل ولزوم يوم 15 أيار، ورغم ابداء ارتياحه لمجريات المعركة لجهة تعدد اللوائح وغياب تيار المستقبل عن الساحة الانتخابية، يبقى هاجس انخفاض نسبة الاقتراع ووصول اللائحة المعارضة الى أكثر من حاصل همه الأكبر، وعليه يبدأ إقفال القرى والبلدات أمام بعض المرشحين المستقلين وتحريم التصويت لهم.