قالت أوكرانيا، الجمعة 15 نيسان 2022، إنها تسعى إلى كسر الحصار الذي فرضته القوات الروسية حول مدينة ماريوبول، مع احتدام القتال حول مصنع إيليتش لتصنيع الصلب في المدينة، في حين شهدت العاصمة كييف انفجارات هي الأقوى منذ أسبوعين.
من جهتها، أقرت روسيا، مساء الجمعة، أنها قصفت ما قالت إنه مصنع في كييف كان يُصنع ويصلح الصواريخ المضادة للسفن، انتقاماً فيما يبدو لغرق الطراد الصاروخي موسكفا، أكبر سفينة حربية في أسطول البحر الأسود الروسي، الخميس 14 نيسان.
وأعلنت أوكرانيا، في وقت سابق، أن أحد صواريخها تسبب في إغراق الطراد موسكفا، في مثال قوي على مقاومتها لخصم أفضل تسليحاً، بينما ردت موسكو وأوضحت أن الطراد غرق أثناء سحبه في طقس عاصف بعد نشوب حريق على متنه نجم عن انفجار ذخائر.
فيما تحدث مسؤول أمريكي لوكالة “رويترز”، شريطة عدم الكشف عن هويته، وأشار إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن الطراد موسكفا أصيب بصاروخين أوكرانيين، وإن هناك ضحايا بين القوات الروسية، على الرغم من أن الأرقام ليست واضحة.
كانت روسيا قالت في وقت سابق إنها أجلَت بعد الانفجار أكثر من 500 بحار كانوا على متن الطراد موسكفا، ولم يرد تأكيد من مصدر مستقل.
وتشهد ماريوبول، الواقعة على بحر آزوف، أسوأ قتال في الحرب، حيث تحولت المدينة التي كان يقطنها قبل الغزو الروسي نحو 400 ألف مواطن إلى أنقاض، على مدى سبعة أسابيع من القصف والحصار، وما زال عشرات الآلاف محاصرين داخلها، ولقي آلاف المدنيين حتفهم هناك.
المتحدث باسم وزارة الدفاع الأوكرانية أولسكندر موتوزيانيك وصف الوضع في ماريوبول بـ”الصعب والعصيب”، مؤكداً أن “القتال يدور حالياً والجيش الروسي يستدعي باستمرار وحدات إضافية لاقتحام المدينة”.
موتوزيانيك أوضح أيضاً أن روسيا استخدمت قاذفات بعيدة المدى لمهاجمة ماريوبول، وذلك لأول مرة منذ بدء الغزو، في 24 شباط، مشيراً إلى أن قوات روسية تركز جهودها في أماكن أخرى للاستيلاء على مدينتي روبيجني وبوباسنا في شرق أوكرانيا.
وأعلنت روسيا، في وقت سابق، أن حربها الأساسية تهدف للسيطرة على دونباس، وهي منطقة في شرق أوكرانيا تضم إقليمين يسيطر عليهما جزئياً انفصاليون تدعمهم روسيا، وتريد من كييف التنازل عنهما.
من جانبها، قالت إيرينا فيريشتشوك، نائبة رئيس وزراء أوكرانيا، إنه تم إجلاء 2864 شخصاً من مناطق الصراع، الجمعة 15 نيسان، من بينهم 363 من ماريوبول، استخدموا وسائل نقل خاصة في مغادرة المدينة.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر مطلعة، الجمعة، قولها إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ناشد الرئيس جو بايدن بشكل مباشر، أن تدرج الولايات المتحدة روسيا على لائحة “الدول الراعية للإرهاب”.
وتضم القائمة حالياً أربع دول، هي كوريا الشمالية، وكوبا، وإيران، وسوريا.
وأحجم متحدث باسم البيت الأبيض عن الرد بشكل محدد على التقرير، لكنه قال “سنواصل بحث كافة الخيارات لزيادة الضغط على بوتين”.
وتعد ماريوبول الهدف الرئيسي لروسيا في دونباس، وتقول موسكو إنها تريد السيطرة عليها قريباً، وهو ما سيجعلها المدينة الكبرى الوحيدة التي تسيطر عليها حتى الآن.
وزارة الدفاع الروسية قالت إنها سيطرت على منشأة إيليتش لتصنيع الصلب، ولم يتسن التحقق من التقرير، مشيرة إلى أنه من المعتقد أن المدافعين الأوكرانيين يتحصنون بشكل أساسي في أزوفستال، وهي منشأة أخرى ضخمة لتصنيع الصلب.
وتمتلك المنشأتين شركة ميتينفيست، وهي إمبراطورية أغنى رجل أعمال في أوكرانيا، وعماد قطاع التصنيع في شرق أوكرانيا. وكانت الشركة قد أبلغت رويترز أمس الجمعة بأنها لن تعمل أبداً تحت الاحتلال الروسي.
وأبلغت ميتينفيست رويترز في بيان “نثق في انتصار أوكرانيا، ونعتزم استئناف الإنتاج بعد انتهاء العمليات القتالية، شركات ميتينفيست التعدينية لن تعمل أبداً تحت الاحتلال الروسي”.
وقالت الشركة إن مواقعها لحقت بها أضرار، لكن من المستحيل تقييم حجم تلك الأضرار مع استمرار القتال.
ووصف موتوزيانيك خسارة روسيا للطراد موسكفا بأنها كبيرة، لكنه قال إنه غير مسموح له بإعطاء معلومات عن المصنع الواقع قرب كييف، الذي تقول موسكو إنها قصفته بالصواريخ.
كانت موسكفا أكبر سفينة روسية في أسطول البحر الأسود حتى الآن، ومجهزة بصواريخ موجهة لمهاجمة الشواطئ وإسقاط الطائرات، إضافة إلى رادار لتوفير غطاء دفاع جوي للأسطول.
واستخدمت روسيا قوتها البحرية لمحاصرة الموانئ الأوكرانية والتهديد بإنزال برمائي محتمل على طول الساحل. وبدون السفينة، قد تتعطل قدرتها على تهديد أوكرانيا من البحر.
ولم تغرق أي سفينة حربية بهذا الحجم خلال أي صراع، منذ غرق السفينة الأرجنتينية الجنرال بيلجرانو، التي دمرها البريطانيون في حرب فوكلاند عام 1982.
في الأثناء، ذكرت موسكو أن قرى روسية بمنطقة بلجورود قرب الحدود تعرضت لقصف أوكراني، ولم يتسن التحقق من قصف المنطقة التي تعد ساحة رئيسية للتجهيز للغزو الروسي.
وكانت روسيا قد حددت هدفها في أوكرانيا في البداية بنزع سلاح جارتها وهزيمة القوميين هناك.
وتقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن هذه تبريرات زائفة لحرب عدوانية غير مبررة، تسببت في تشريد ربع سكان أوكرانيا، البالغ عددهم 44 مليون نسمة، وإزهاق أرواح الآلاف.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن موسكو أرسلت مذكرة دبلوماسية للولايات المتحدة، تحذر فيها من “عواقب لا يمكن التكهن بها”، إذا لم توقف واشنطن شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا.
وفي موسكو، ذكرت وكالة إنترفاكس للأنباء أن متحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، أكدت أن روسيا بعثت بمذكرات دبلوماسية إلى الولايات المتحدة ودول أخرى، تتعلق بإمداد أوكرانيا بالأسلحة، لكنها لم تكشف عن مضمون الرسائل.
وقالت روسيا إنها طردت 18 موظفاً من بعثة الاتحاد الأوروبي في موسكو، في خطوة انتقامية، بعد قيام الاتحاد بطرد 19 دبلوماسياً روسياً في وقت سابق من الشهر الجاري.