كتب المحرر السياسي في IMLebanon:
تأكد لجميع اللبنانيين في الأيام الماضية أن ثمة إجماعاً بين الخبراء الماليين والاقتصاديين على مختلف مشاربهم وانتماءاتهم على كارثية ما يتم التحضير له في الكواليس السياسية والحكومية والنيابية على صعيد قانون الكابيتال كونترول. فمن أقصى اليمين الليبرالي إلى أقصى اليسار الاشتراكي يجمع المعنيون على أن ما حاولت تمريره الحكومة خلسة عبر اقتراح قانون معجل مكرر وقعه النائب نقولا نحاس، قبل أن يعيد الرئيس نجيب ميقاتي سحبه لتقدمه الحكومة في صيغة مشروع قانون “سُلِق” على عجل وأحاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى اللجان المشتركة متخطياً لجنة المال والموازنة، إنما ليس أكثر من محاولة “تهريبة” تهدف إلى “شراء سكوت” صندوق النقد الدولي على حساب الاقتصاد الوطني وعلى حساب اللبنانيين وفي طليعتهم المودعون.
وكان لافتاً في هذا الإطار الكتاب الذي أرسله عدد من المختصين إلى رؤساء وأعضاء اللجان النيابية وفيه اعتراض على نقاط كثيرة في مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي يُفترض باللجان المشتركة أن تدرسه. واللافت في هذا الكتاب أسماء الموقعين عليه أمثال الوزراء السابقون جورج قرم، سمير المقدسي، نقولا تويني وناصيف حتي، نائب حاكم مصرف لبنان السابق غسان العياش وغيرهم من الخبراء.
ويُجمع خبراء ماليون واقتصاديون على أن ما تم التحضير له في الغرف السوداء لا علاقة له بمصلحة لبنان واللبنانيين، بل كل الهدف منه تمرير قانون كيفما كان بهدف إرضاء صندوق النقد الدولي قبل الانتخابات مقابل ما كان الصندوق قدّمه للحكومة والسلطة الحاكمة من “انتصار وهمي” تمثل بالتوقيع على اتفاق أولي على مستوى الموظفين، وهو غير ملزم لا لصندوق النقد ولا للحكومة اللبنانية.
ويتخوّف الخبراء من أن يكون كل الهدف مما يحصل هو تمرير قانون للكابيتال كونترول كيفما كان قبيل الانتخابات، ولو أتت نتائجه كارثية على كل المستويات المالية والاقتصادية، في حين أن المطلوب بعد مرور أكثر من 30 شهراً على الأزمة والانهيار هو التروي لدرس القوانين وفي طليعتها “الكابيتال كونترول” وليس تهريبه كيفما كان وبأي ثمن.
ويؤكد المعنيون أن لا مهل محددة أمام لبنان لإقرار مثل هذا القانون الذي لم يعد يُجدي نفعاً بعدما “سبق السيف العزل”، وخصوصاً أن لبنان يتمتع بالسيادة ويجب أن يقرر في كل الملفات إنطلاقاً من مصالحه العليا لا أن يخضع بشكل اعمى وغبي لمطالب الصندوق. وإذا كان ثمة من داعي للعجلة فهو في كل ما يتعلق بالإصلاحات العملية التي تستنزف الاقتصاد، بدءًا من قطاع الكهرباء مروراً بضبط الحدود ومنع والتهريب وليس انتهاء بمعالجة وضع الإدارة العامة. أما محاولة ذر الرماد في العيون عبر بيع صندوق النقد إقرار قانون للكابيتال كونترول كيفما كان فهي محاولة لن يُكتب لها النجاح، والمطلوب من كل النواب من مختلف الكتل النيابية إسقاطها في اللجان المشتركة وعدم السماح لها بالوصول إلى الهيئة العامة، لأن “الكابيتال كونترول” يجب أن يكون جزءًا من خطة إصلاحية شاملة ومرتبط بمهل محددة عوض استعماله لمصادرة ما بقي من أموال المودعين، وخصوصاً أننا على أبواب انتخابات نيابية واللبنانيون لن يتساهلوا مع من يقدّم خدمات مجانية على حسابهم!