جاء في “المركزية”:
صحيح ان 26 يوما بالتمام تفصل عن اجراء الانتخابات النيابية، وان مجمل التحضيرات باتت جاهزة للاستحقاق، وصحيح ايضا ان رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي لا يفوتان مناسبة الا ويؤكدان حتمية انجاز الاستحقاق “ان لم يطرأ طارئ”، وهو ما اكداه في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الماضي، والصحيح كذلك ان وزارة الداخلية ستباشر خلال ايام سلسلة تجارب للعملية الانتخابية لضمان نجاحها، الا ان ” الطارئ” مهما كان نوعه او شكله، لا يجوز اسقاطه من الحسابات اللبنانية تماما كما لم يسقط حتى اللحظة من حسابات الخارج الذي يراقب بدقة كل حركة على المسرح اللبناني وهو طلب تقارير مفصلة عن كلحادثة امنية، مهما كانت بسيطة تحصل في المرحلة الفاصلة عن 15 ايار، وما حصل في الصرفند في نهاية الاسبوع موضع متابعة وبحث في الدول المهتمة بلبنان، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية غربية لـ”المركزية” .
حتى اللحظة، ما زال تبادل التهم بمحاولة عرقلة او تطيير الانتخابات بين فريقي المعارضة والمجتمع المدني والثوار من جهة والسلطة الثلاثية الحاكمة، حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر، من جهة ثانية، ساري المفعول، يشتدّ او يخف نسبة للدواعي الانتخابية، وبعدما اتهم المعارضون المنظومة بمحاولة تطيير الانتخابات خشية التغيير الآتي عبر موجة القوى التغييرية بكل اطيافها، وتاليا فقدان الغالبية النيابية، انتقلت الاتهامات الى الضفة الاخرى، لا سيما في ضوء تشتت هذه القوى، حيث بدأت تعمم معلومات مفادها ان جهات خارجية مدعومة من اخرى محلية تسعى لتأجيل الانتخابات حتى ايلول المقبل لمزيد من الجهوزية المحلية وفي الاغتراب ولانجاز”الميغاسنتر” التي من شأنها رفع نسبة الاقتراع، خصوصا لغير المنتمين الى الاحزاب وغير المتحمسين للاقتراع وهم بمعظمهم من المناهضين للسلطة، في ضوء غلاء اسعار المحروقات بما يخففعنهم الاعباء، فلا يضطرون للانتقال الى مراكز الاقتراع في مناطق القيد لا سيما النائية منها وفي الاطراف. كما يتيح التأجيل، وفق اوساط سياسية موالية، اعادة فتح باب الترشيح لسد الثغرة في الشارع السني من خلال ترشح شخصيات وقيادات سنية تاريخية بما يعيد التوازن السياسي الى الساحة بعد عزوف الرئيسسعد الحريري وتياره عن المشاركة في الانتخابات ترشحا واقتراعا، علما ان ثمة حالة سنية جديدة مدعومة عربيا تتمسك بمشاركة السنة في الحياة السياسية وعدم الانسحاب منها خشية ان يصب الانكفاء في مصلحة حزب الله وتوفير الغالبية لفريق السلطة في المجلس النيابي.
ويعزز فريق السلطة قراءته هذه بحسب الاوساط، بالحملة التي يشنها بعض الاحزاب المعارضة على خلفية انتخابات المغتربين وطريقة توزيعهم على مراكز الاقتراع وتأخير نشر لوائح الشطب، معتبرا ان ما يجري طبيعي في ظل الظروف التي يمر بها لبنان الا ان هؤلاء يبحثون عن ذريعة لتأجيل الانتخابات لانهم باتوا على قناعة بأن سلسلة الضربات التي تلقوها اضعفت حظوظهم بالفوز في الاستحقاق الذي ان تم تأجيله قد يتمكنون، باعتقادهم، من اعادة رص الصف وتوحيد مجموعات المجتمع المدني في لوائح مشتركةومعالجة الواقع السني المشتت، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن عدم توحد قوى التغيير يعني فشلها في معركتها ضد السلطة، بعدما خسرت ثقة الناس بها، ويتجاهل هؤلاء ان ما لم يتمكنوا من تحقيقه خلال عام لن يتمكنوا منه في اربعة اشهر، خصوصا ان سبب الفرقة بينهم جوهري، كونهم لا يلتقون الا على المصالح الفئوية ويتغذون من المال الخارجي الساعي الى مشروع استراتيجي واحد هو دفع لبنان نحو التطبيع مع العدو.
وبين السلطة والمعارضة ، او اي فريق آخر قد يسعى الى ارجاء الاستحقاق، يقف الخارج سدأ منيعا في المواجهة شاهرا سيف العقوبات الدولية على من يتقدم في هذا الاتجاه، والمسؤولون جميعهم تبلغوا الرسالة عشية الاستحقاق الرئاسي، فهل من يجرؤ، باستثناء من عوقِبوا ولم تعد تؤثر بهم العقوبات، علما ان دائرة بيكارها ستتوسع هذه المرة نحو اوروبا والخليج ؟