كتب عمر البردان في “اللواء”:
يسجل للحراك الخليجي الاستثنائي الذي يقوم به سفيرا المملكة العربية السعودية والكويت، وليد البخاري وعبد العال القناعي، أنه أعاد تسليط الأضواء على المشهد اللبناني الغارق في الكثير من الملفات التي ترخي بثقلها على الساحة الداخلية، في ظل التحضيرات الجارية على قدم وساق للانتخابات النيابية المقررة في الخامس عشر من الشهر المقبل. وإن كان هناك من لا يزال ينظر بكثير من الشك إلى وجود نوايا مبيتة إلى «تطيير» هذا الاستحقاق، من خلال عرقلة الجهود الرامية إلى تأمين الظروف الملائمة لاقتراع المغتربين، سيما وأن هذا الأمر قد «ينسف» الانتخابات من أساسها .
وقد تلقى المسؤولون اللبنانيون، رسائل دبلوماسية خارجية حازمة، بوجوب تهيئة المناخات والظروف الملائمة، من أجل إتمام الاستحقاقات الانتخابية في مواعيدها، كونها مرتبطة بالدعم المالي والاقتصادي الذي يحتاجه لبنان. وأن هناك إصراراً عربياً ودولياً على وجوب إجراء الانتخابات النيابية في وقتها، ومن ثم العمل على انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري. ونقل عن المصادر، أن هناك رفضاً قوياً من جانب المجتمع الدولي والدول المانحة، لأي شكل من أشكال التمديد، باعتبار أنه سيشكل ضربة قاضية لكل مساعي إنقاذ لبنان من الغرق.
وفي وقت يتحضر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لزيارة المملكة العربية السعودية في العشر الأواخر من رمضان، لأداء مناسك العمرة، على أمل لقاء مسؤولين سعوديين كبار، وربما القيام بعد ذلك في جولة خليجية عربية ، علماً أن الدوائر الفرنسية هي التي شجعت ميقاتي على استعجال هذه الجولة التي يرجح أن تكون بعد عطلة عيد الفطر، في إطار تعزيز العلاقات أكثر فأكثر بين لبنان والدول الخليجية، والتأكيد لقادة هذه الدول أن لبنان لبنان حريص على أفضل العلاقات معها، باعتبار أن إخراج البلد من مأزقه لا يمكن أن يحصل دون دعم خليجي . وبالتالي فإنه ليس أمام لبنان إلا أن يكون في أفضل حال مع الدول الخليجية، وأن يمنع كل إساءة لها من جانب «حزب الله» أو من سواه .
وكشفت المعلومات كذلك، عن أن الفرنسيين أبلغوا الرئيس ميقاتي، أنهم سيعملون لدى السعوديين والدول الخليجية الأخرى إلى المساعدة من أجل تأمين الدعم للبنان، من أجل تجاوز الأزمات التي يواجهها، في مقابل إسراع بيروت في إقرار خطة التعافي الاقتصادي وفق ما تم التوافق عليه مع صندوق النقد الدولي الذي لا يمكن أن يقدم المساعدات المالية للبنان إلا إذا التزم بما تعهد به . وقد علم في هذا السياق، أنّ لبنان قد يتجه للموافقة على أحد أهم الشروط الإصلاحية لصندوق النقد الدولي، وهو إقرار قانون إلغاء السرية المصرفية، إلى جانب إقرار الكابيتال كونترول الذي يدور صراع كبير بشأنه، دون استبعاد تأجيله إلى ما بعد الانتخابات النيابية .
وفي وقت أشارت معلومات، إلى أنه في إطار خطوات حسن النوايا تجاه لبنان، فإنه قد يصار إلى وضع ودائع خليجية في مصرف لبنان، إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها، وبدعم فرنسي على أعلى المستويات، ليبدأ لبنان تلمس طريقه نحو الخروج من الأزمات التي يعانيها على أكثر من صعيد. لكن مصادر دبلوماسية خليجية، لم تؤكد صحة هذه المعلومات في الوقت الراهن، وإذ لفتت، إلى أن الأمور مرهونة بالظروف التي قد تستجد في المستقبل، باعتبار أن التركيز منصب الآن على دعم لبنان في عدد من القطاعات الحيوية التي يحتاجها .
في المقابل، فإن السلطة السياسية، لا تكتفي بتعطيل التحقيقات في انفجار ٤ آب، بل تريد الذهاب أبعد في هذه العملية وإخفاء معالم «جريمة العصر»، من خلال قرار هدم ما تبقى من إهراءات المرفأ، محاولة على ما يبدو، محو هذا الحدث الكارثي الذي لم يعرف العالم مثيلا له منذ انفجار تشيرنوبيل، من ذاكرة اللبنانيين، وهو أمر يحمل في طياته أبعاداً بالغة الخطورة على مسار هذا الملف المعطل أساساً، بسبب دعاوى كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، عدا عن أنه قد يشكل شرارة لنسف الانتخابات النيابية برمتها، وفي ظل تحذيرات من انفجار الأوضاع السياسية والأمنية، جراء تفاقم الأزمات المعيشية والحياتية.