جاء في العرب اللندنية:
اقترح مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” محمد عفيف عملية دمج بين “المواقع الإلكترونية العاملة في كنف المقاومة وخطها الفكري السياسي أو القريبة منها”، مؤكدا أن “الفكرة غير جديدة وغير مستحدثة ولكنها باتت ضرورية وملحة”.
وقال عفيف “نشهد المزيد من إنشاء الحسابات والمواقع التي تعاني صعوبات في التمويل وتتوجه إلى نفس الجمهور وتتنافس على نفس المعلومات وتكرر الجهود، لذا أقترح العمل على طاولة نقاش تستهدف الدمج الممكن في عملية غير قسرية، بهدف تقوية إمكاناتها، والاستفادة الأمثل من كوادرها الوظيفية وتطوير مهنيتها كي تتقدم إلى مراكز أفضل وتحقق الغايات المرجوة منها”. وتعهد بدعم هذا النشاط وهذه المحاولة ماليا ومعنويا “إيمانا بقدراتكم الإبداعية وتطويرا للعمل الجماعي على حساب المواهب الفردية”.
وتابع “يعرف أهل المهنة أن الاصطفاف السياسي كان دائما سمة من سمات الإعلام اللبناني، إن التمويل الخارجي ليس سرا مكتوما، وإن الانخراط في صراعات الداخل والإقليم ترك بصماته على كل تفصيل من تفاصيل الحياة السياسية والإعلامية على حد السواء”.
وأكد مسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” “على ضرورة التشدد في موثوقية ما يبثون من أخبار ومعلومات، وإذا كانت الصحف المعروفة التي تتمتع بميزتين هما الخبرة في التدقيق والوقت الإضافي يتم التعامل معها بأنه حكي صحف، فما بالك بوسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التي تعاني أزمة موثوقية حادة وقابلية تزييف، وسطو على الحسابات وفائض معلوماتي، وألا نقع في فخ السبق الصحافي والتسرع وسحب الأخبار طالما أن الجميع أونلاين، إنما البحث عن المميز والجاد والمفيد في المعلومات الجديدة، المقابلات المميزة، التغطيات المهنية المحترفة”.
ويظهر إعلام الحزب في أضعف حالاته إذ يبدو متشظيا وسبق أن وصف مقال في صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله إعلام الحزب بأنه “ينتمي ويتحرّك في عصر ليس من عصرنا، وهو يذكّر أحيانا في جموده وعبوسه بعصر نشرات الأخبار الصارمة والبالغة الجديّة في سنوات الصبا”. وأضاف “ليس أبلغ من فشل وتقصير الحزب الإعلامي من اعتماد الحزب وجمهوره على إطلالات الأمين العام للحزب للردّ على الخصوم وتفنيد أقاويله”. ويدرك الحزب أنه بحاجة إلى خطة إعلامية مؤثرة شعبيا لإعادة بريقه وهيبته ومعالجة الشرخ الذي حدث حتى بين صفوف مؤيديه أنفسهم في عقر داره في الضاحية الجنوبية.
وفي ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يمر بها لبنان، أصبح خطابات الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله لا تلقى تجاوبا من قبل اللبنانيين.
ويقول كريم إيميل بيطار، مدير قسم العلوم السياسية في جامعة “سان جوزيف” ببيروت ومدير البحوث في المعهد الدولي للبحوث الاستراتيجية “بعدما تمكن الحزب من بسط سيطرته خلال السنوات الأخيرة على مؤسسات الدولة اللبنانية، أصبح اليوم يمر بأوضاع حرجة”. وأضاف “يعاني اللبنانيون من مشاكل أخرى بعيدة كل البعد عن الخطابات وعن الإيديولوجية التي يسوقها الحزب”. وتابع “اليوم يفكرون (اللبنانيون) في إيجاد الحلول للمشاكل التي يعانون منها، مثل إيجاد المواد الاستهلاكية والوقود وتوفير الكهرباء. وفي حال استمر الوضع على حاله، فهناك احتمال أن ترتفع أصواتا مناهضة للحزب من الداخل وعلى مستوى قاعدته الشعبية التي تسانده”.
وفيما تعتبر مصادر من الحزب أن أسباب ضعف التعبئة في الإعلام التابع للحزب هي مشكلة التمويل، يقول مقال صحيفة الأخبار إن “الكلام عن أن المشكلة في الحرب الإعلاميّة الجارية هي مشكلة تمويل لا يمكن أن تُقنع”.
ويقر الإعلام التابع للحزب أن الإعلام المعارض استطاع كسر صورة نمطية عمّمها الحزب وكرّسها على مدى عقود عن نفسه وقيادييه. واستطاع اللبنانيون على مواقع التواصل كسر حاجز الخوف من التعرض لرموز لطالما شكّل انتقادها أحد الخطوط الحمراء على غرار الأمين العام لحزب الله.
ولطالما برع حزب الله في استخدام سلاح الإعلام والحرب النفسية ضد أعدائه وخصومه وحتى ضد أبناء طائفته وبعض أبناء الحزب الذين تمردوا عليه أو اعترضوا على سياساته، غير أن خبراء يؤكدون أن كل هذا انتهى في عصر المواطن الصحافي في إطار ما عرف بالإعلام الجديد وساهم ذلك في تغير المقاربة بشكل كامل.
ورغم ذلك يحاول الحزب إبقاء سيطرته على بيئته الحاضنة على الأقل عبر جيوش إلكترونية تدعى “التنسيقية” تخوض على مواقع التواصل الاجتماعي حربا شاملة وواسعة تعتمد عمليات إعلاميّة دفاعية وهجومية، مرة بمبادرات من جمهوره وأخرى بتكليف رسمي.
كما يعمل الحزب على ترهيب كل معارضيه والإعلام المناوئ له عبر حملات إعلامية في الصحف والقنوات المحسوبة عليه ومعها الجيوش الإلكترونية لتهاجم وتخون الوسائل الإعلامية والإعلاميين، وبالإضافة إلى ذلك يصادر حزب الله حق اللبنانيين في مشاهدة ما يختارونه في بيوتهم منذ تشرين الثاني 2019، معمما على أصحاب الكابلات قرارا يقضي بحظر قناة “الجديد” في عدد من مناطق العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، إضافة إلى الجنوب والبقاع الشمالي، حيث يتمتع بنفوذ كبير.