كل المؤشرات قبل 3 أسابيع من 15 أيار لا تشي بإمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بسلاسة، لا بل على العكس فإن تراكم المعطيات يؤكد أننا نعيش سباقاً بين افتراض حتمية إجراء الانتخابات وبين حتمية الانفجار الذي قد يطيح بالاستحقاق الدستوري ويدخلنا في المجهول.
وفي استعراض بسيط لما آلت إليه الأمور ولما ينتظرنا في الأيام التي تفصلنا عن الانتخابات يتبيّن الآتي:
ـ قفز سعر الدولار أكثر من 4000 ليرة حتى اليوم من 23 ألف ليرة إلى 27 ألف ليرة، وهو مرشح لأن يتخطى الـ30 الف ليرة في اليومين المقبلين، ما يزيد من حال الغليان الشعبي ويمكن ان يفجّر الأوضاع اجتماعياً وشعبياً، إضافة إلى أن الاعتمادات التي أُقرّت بالليرة لإجراء الانتخابات في الداخل والتي كانت توازي حوالى 12 مليون دولار باتت توازي أقل من 9 مليون دولار.
ـ لم يتم تأمين الاعتمادات اللازمة لاقتراع المغتربين إضافة إلى كل الفضائح في توزيع المقترعين على الأقلام بطريقة تجعل عملية اقتراعهم شبه مستحيلة.
ـ لم يتم حتى الساعة تامين الكهرباء لآلاف مراكز الاقتراع على كل الأراضي اللبنانية والتي تشكل ايضاً مراكز الفرز الأولية. ففي حين كانت مؤسسة كهرباء لبنان طلبت أكثر من 16 مليون دولار لتامين الكهرباء لـ24 ساعة على كل الأراضي اللبنانية وعجزت الحكومة عن تأمينها، لا يزال البحث عن بدائل غير جدي ولا يحتل الأولوية قبل أقل من 3 أسابيع على موعد الانتخابات، فكيف سيجرونها من دون كهرباء؟
ـ صراع حول مشروع قانون “الكابيتال كونترول” بين سعي رئيس الجمهورية ورئيسي مجلس النواب والحكومة لإقراره كيفما كان وبين الرفض الشعبي العارم لإقراره والدعوات لاعتصامات وتظاهرات الاثنين والثلثاء رفضاً لتهريبه، ما يهدد بإشعال الأجواء في الشارع في ظل إصرار المعنيين على تمريره بحلول الأربعاء.
ـ دعوات النقابات والاتحادات العمالية إلى الاضراب والتظاهر اعتباراً من 1 أيار المقبل احتجاجاً على الأوضاع المعيشية المتردية، ما ينذر أيضاً بإشعال الشارع قبل أسبوعين من الانتخابات النيابية.
ـ مشاهد زورق الموت في طرابلس إضافة ما تلاه من حال الفلتان الأمني وإطلاق النار في عاصمة الشمال، ما عكس هشاشة الوضع الأمني بشكل كبير وما يمكن أن يمهّد لإشعال الوضع أمنياً في أي لحظة ويطيح بكل شيء.
لا تنتهي المؤشرات عند هذا الحد، فقبلها حصلت حادثة الصرفند، ويمكن أن تقع اي حادثة في اي لحظة في ظل الارتباك الداخلي الكبير والعجز عن ضبط الأمور في ظل الانهيار، وفي عهد شارف على نهايته ويقارب الأمور من زاوية مصالح تياره السياسي الذي لا يبدو في أفضل احواله لخوض الانتخابات التي قد تمهّد لتعريته شعبياً.
في مقابل كل هذه المعطيات لا نجد سوى تصريحات فارغة للمسؤولين عن حتمية إجراء الانتخابات حفظاً لماء الوجه امام المجتمع الدولي الذي يضغط لإتمام الاستحقاق الدستوري تحت طائلة اتخاذ إجراءات وفرض عقوبات على المعرقلين، في حين أن اللبنانيين تابعوا تصريحات رسمية لقادة “حزب الله” يتحدثون فيها عن تاجيل الانتخابات من باب اتهام الغرب والأميركيين بالمسؤولية عن ذلك.
كل ما تقدّم يعقّد الصورة ويجعل البلد والانتخابات أمام حافة الهاوية بين إتمامها بما تيسّر وبين الإطاحة بها في ظل كثرة الذرائع والتراكمات الموجودة. وهذا ما يجعل الأيام العشرين الفاصلة عن 15 أيار حافلة بكل انواع التطورات والمفاجآت المفتوحة على كل الاحتمالات من إجراء الانتخابات إلى الانفجار الكبير في بلد بات يغلي كالبركان!