جاء في “النهار”:
لم تعرف مروة سلوم (24 سنة) أنّ فرحتها مع عريسها محمد طالب (25 سنة) لن تدوم أكثر من ثلاثة أيّام. فقد خطفه “قارب الموت” الذي أبحر من ميناء #طرابلس في محاولة لبلوغ السواحل الإيطالية مساء السبت، بعد خطوبة زفّت الصبية صورها الساطعة على “فايسبوك”، ممهورة بدعاء “يا رب أرزقنا السعادة والفرحة في حياتنا”. في بيتها المتواضع بمحلّة أبي سمراء، تذرف العروس دموعاً ساخنة على حبيب وحبّ عاشاه ثلاث سنوات. الدموع لا تطفئ لوعتها، ولا الأمل بعودته حيّاً، فهو “مفقود” بقاموسها. ترفض العروس الاتّشاح بالسواد، فهي لا تزال تتعلق باحتمال نجاته، متوسّدة الدعاء والتضرع لله “لأنني دعوته أن يجمعنا على خير”.
“في لقائنا الأخير، جاءني إلى المنزل صباح السبت، ولم أره لأكثر من دقيقتين، غمرني وقال “ادعيلي”، وكان يبكي، فقد اتّخذ قراره سريعاً بالذهاب في القارب. ثم أرسل صورة لنا على الواتساب وأوصاني “لا تبكِي ولا تضعفي لأنني قويّ بك”. عند الساعة السابعة والدقيقة 11 مساء كتبت له رسالة نصية على الواتساب لكنها لم تصله”، تقول مروة لـ”النهار”.
وعرفت مروة أنّ محمد ترك البلاد مع أهله، الأب منذر طالب والأم اكتمال شريتح وشقيقه الأصغر عدنان طالب، وبقوا في عداد المفقودين حتّى اللّحظة، فيما نجا شقيقان لمحمد وأصيب أحدهما برضوض خفيفة في رجله، لكنهما لم يروا بقية الأسرة منذ غرق القارب.
وتجدر الإشارة إلى أنّ محمد حاول الهروب إلى الشواطئ الإيطالية في كانون الأول من العام الماضي، لكنّ الأمن التركي أعاده مع نحو 200 شخص ضمّهم القارب، وكان قبل قراره بالهجرة خسر عمله في مطعم بسبب تدهور الوضع الاقتصادي ومعاشات متدنية بالكاد تكفيه أجرة الطريق.
تفيد مروة أنّ مجازفة هائلة اتخذها محمد في الرحلتين، لكنّه “خاطر لأجلي ولأجله، لأجلنا سوياً. محمد مفقود لأنه اختنق من البطالة التي نعيشها، نحن شبه أحياء في لبنان”، ولكنها حلمت بحياة جديدة بعد حب دام ثلاث سنوات مع محمد ” الشاب الحنون، والخلوق، القادر على تحمل المسؤولية. وكان يفكر بلمّ الشمل بعد إتمام أوراقه الرسمية في أوروبا”.
حين فقدت الاتصال بخطيبها، بقيت مروة تصلي وتصبر، فالروايات تضاربت، بين نجاته وموته، إلى أن تلقّت “على إحدى مجموعات الواتساب خبر وصول جثمان في شكا مرفق بصورة لمحمد. وبعد صعودها للمستشفى وتحري هوية الجثة عرفت أنها تعود لضحية امرأة”.
في هذا السياق، تناشد مروة “الجيش وخفر السواحل وكل الأجهزة المخولة بالبحث عن الجثث تحري مصير محمد وأهله”، وتضيف “أرجو من الناس عدم تداول أخبار حول المفقودين بدون تحرّي صحّتها، فأعصابنا تلفت”.
مروة الّتي تطفئ اليوم شمعتها الـ24، لم ينطفئ بداخلها الأمل رغم هول المأساة “لا زلت أدعو الله أن تحدث معجزة ويطل عليّ محمد سالماً”، وتختم “فكرت بالذهاب معه، لكنني بقيت في لبنان لأبقى مع أمّي فأنا ابنتها الوحيدة ومحمد بمثابة ابنها، لا تكفّ عن بكائه، وأنا أحاول حجب حزني عنها”.